Hamayan Zad Zuwa Gidan Gobe
هميان الزاد إلى دار المعاد
Nau'ikan
وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله
أى عليه، وتدل له قراءى أبى فإن آمنوا بالذى آمنتم به وأدل من هذه القراءة على ذلك قراءة ابن عباس وابن مسعود { بما آمنتم به } لأن فيها لفظ ما، وإسقاط مثل. وما على هذا الوجه اسم موصول أو نكرة موصوفة، والهاء عائدة إليها، ويجوز أن يقع المثل على القرآن ومحمد، وما على التوراة والإنجيل وموسى وعيسى، أى فإن آمنوا بالقرآن ومحمد اللذين هما مثل التوراة والإنجيل وموسى وعيسى، الذين آمنتم بهم، أو مثل على القرآن وما على التوراة والإنجيل، ووجه المماثلة فى هذين الوجهين كون كل حقا من الله جل وعلا، ولا ينافيان الوجه الأول، لأن المماثلة المنفية فيه بمعنى المساواة.
{ فإن تولوا } أعرضوا عن الإيمان، أو عما تقولون لهم، والضمير لليهود والنصارى. { فإنما هم فى شقاق } إنما للحصر، أى فما هم إلا فى شقاق، والشقاق مصدر شاقق بفتح القاف الأولى كالثانية كقاتل قتالا من شاققه بمعنى خالفه، فكان فى شق آخر غير الشق الذى فيه من خولف، والشق الجانب، أى فما هم إلا فى مخالفة لكم أو فى مخالفة للحق، وفى مخالفة لكم وللحق ومعاداة. قال الحسن الشقاق التعادى إلى يوم القيامة، وفى معناه قول بعضهم الشقاق الفراق، ونفى بذلك كونهم طالبين للحق، وأثبت عنادهم أو من شاققه بمعنى أوقعه فى مشقة، أو أرادها به، فهم يريدون مشقة المؤمنين ويوقعونهم فيها بما أمكنهم، ولو بمجرد العناد والمكابرة، أو من شاققه بمعنى أزال وصل بينهما وشقة، فإن اليهود والنصارى لهم وصلة بالمؤمنين بالمجاورة، وبالكتابين اللذين نزلا من الله التوراة والإنجيل، المصدقين للقرآن الكريم فقطعوها بالكفر، إذ لم يتبعوا التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن. واتباع واحد يوجب اتباع الآخرين. { فسيكفيكهم الله } عطف على { فإنما هم فى شقاق } والفاء للسببية، فإن كونهم فى شقاق سبب لأن يكفيهم الله بالقتل والإجلاء والسبى وضرب الجزية والإذلال، وذلك وعد من الله لرسوله، صلى الله عليه وسلم، ووعيد لليهود والنصارى، وقد أنجزه له فهو معجزة، لأنه إخبار بالغيب، وذلك لأنه قتل بنى قينقاع وبنى قريظة وسباهم، وأجلى بنى النضير ، وضرب الجزية على اليهود والنصارى، وكانوا تحت يده. فالآية تسكين للمؤمنين وتسلية لهم، ووعد بالحفظ والنصر على من عاداهم، لأن كفاية الله، عز وجل، اليهود والنصارى بذلك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كفاية عنهم، ويقدر مضاف بين الكاف والهاء أى فسيكفيك شرهم. وذكر الزمخشرى أن معنى هذه السين أن ذلك كائن لا محالة، وإن تأخر إلى حين، وهكذا إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أفادت أنه واقع لا محالة. قال ابن هشام وجهه أنها تفيد الوعد بحصول الفعل بدخولها على ما يفيد الوعد أو الوعيد، مقتضية لتوكيده وتثبيت معناه، ويأتى ذلك إن شاء الله، فى غير هذه السورة. { وهو السميع } لأقوالهم فيعاقبهم عليها، ولأقوالكم فيجازيكم بثوابها { العليم } بأفعالهم ونياتهم فيعاقبهم عليها، وبأفعالكم ونياتكم فيجازيكم بالثواب، وذلك من تمام الوعد بالكفاية للمؤمنين، وتمام الوعيد لليهود والنصارى بالكفاية، فإنها وعيد لهم ووعد للمؤمنين، وما ذكرته أولى من تخريج الآية على السمع بأقوال اليهود والنصارى، والعلم بأفعالهم ونياتهم. ويجوز تحريجها على السمع لكل قول، والعلم بكل فعل ونية.
[2.138]
{ صبغة الله } مفعول مطلق كسبحان الله، قاله سيبويه، والأصل صبغنا الله صبغة، فحذف الفعل وأضيف اسم المصدر إلى فاعله، كما أن سبحان الله أصله سبحوا الله أو سبحنا الله أو نسبح الله، فحذف الفعل وأضيف اسم المصدر إلى مفعوله وهو لفظ الجلالة، والمصدر هنا مؤكد لآمنا، قدرنا صبغنا الله صبغة بمعنى الإخبار، أو قلنا إنه طلب ودعاء، وعلى الوجهين، فهو من مقول القول المتقدم فى قوله { قولوا آمنا } وكسر الصاد للنص على أن المراد نوع من الصبغ، كالجلسة بكسر الجيم لنوع من الجلوس، ومعنى صبغة الله، تطهير الله، لأن الإيمان يطهر النفوس، فصبغة الله مؤكد لآمنا، من توكيد المفعول المطلق لمضمون الجملة قبله، وكذا إن قلنا صبغة الله بمعنى فطرة الله التى فطر الناس عليها، أو بمعنى هدايته والمراد على معنى الفطرة الدعاء بالإدامة على الفطرة، أو الإخبار بأنه تعالى صبغهم صبغة باقية، وهى الفطرة بقيت بعد البلوغ، ويجوز أن تكون صبغة بدلا من ملة، وقيل منصوب على الإغراء، أن الزموا معشر اليهود والنصارى صبغة الله، أو نلزم معشر المؤمنين صبغة الله، أو الزموا يا معشر المؤمنين صبغة الله، وقيل صبغة الله دين الله، وهو مروى عن ابن عباس، أى دنا دين الله، أو نلزم دين الله، أو الزموا معشر المؤمنين دين الله، أو الزموا يا معشر اليهود والنصارى دين الله، أو بدل من ملة. وقيل سنة الله وهى دينه، أو سنتنا سنة الله، أو نلزم أو الزموا أو بدل كذلك، وما أصدق فى هذه الأقوال واحد، وسمى ذلك كله صبغة، لأنه زينة للإنسان، كما أن الصبغة زينة للمصبوغ، وزينة لمن يتزين بها، أو لظهور أثر ذلك لمن هو فيه، كظهور أثر الصبغ على المصبوغ، ولدخوله القلب كدخول الصبغ الثوب، وكل ذى دين باطنه مصبوغ بصبغ اعتقاده ودينه حقا. وقال بعض المفسرين اليهود تصبغ أولادها يهودا، والنصارى تصبغ أولادها نصارى، وأن صبغة الله الإسلام. ولفظ صبغة فى تلك الأوجه والأقوال كلها استعارة تصريحية تحقيقية أصلية، ووجه الشبه الشهور أو الدخول أو كلاهما، والقرينة الإضافة إلى الله، وفيه المشاكلة البديعة. قال القزوينى والسعد ومن الضرب المعنوى من المحسنات البديعة المشاكلة، وهى ذكر الشئ بلفظ غيره لوقوع ذلك الشئ فى صحبة ذلك الغير وقوعا إما محققا كقوله
وقالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه فقلت اطبخوا لى جبة وقميصا
ذكر خياطة الجبة والقميص بلفظ الطبخ لوقوعها فى صحبة طبخ الطعام فى قوله نجد لك طبخه، أى اطلب شيئا من غير تفكر ولو صعبا نطبخه لك طبخا جيدا، ونجد بضم النون وكسر الجيم من أجاد شيئا، أى صيره جيدا وإما مقدرا كقوله صبغة الله فإن النصارى كانوا يغمسون أولادهم فى ماء أصفر يسمونه المعمودية، ويقولون إن الغمس فى ذلك الماء تطهير لهم، فإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك قال الآن صار نصرانيا حقا.
فأمر المسلمون بأن يقولوا لهم قولوا آمنا بالله، وصبغنا الله بالإيمان صبغة، ولم نصبغ صبغتكم أيها النصارى، فعبر عن الإيمان بالله بصبغة الله ، للمشاكلة لوقوعه فى صحبة صبغة النصارى، تقديرا بهذه القرينة الحالية التى هى سبب النزول، من غمس النصارى أولادهم فى الماء الأصفر، وإن لم يذكر ذلك لفظا، وهذا كما تقول لمن يغرس الأشجار اغرس كما يغرس فلان، تريد رجلا يصطنع إلى الكرام ويحسن إليهم، فعبرعن الاصطناع بلفظ الغرس للمشاكلة بقرينة الحال، وإن لم يكن له ذكر فى المقال، وأصل هذا للسكاكى والزمخشرى، وكفى وجودا للصبغة فى أحد الفريقين اليهود والنصارى وهو فريق النصارى لأنها فيهما فى الجملة، ولو لم تكن فى كل فريق منها، ولا سيما أنه يجمعهما اسم أهل الكتاب، وقيل المراد بصبغة الله الاختتان الذى أمر الله تعالى به، لأنه يصبغ المختتن بالدم. قال ابن عباس إن النصارى إذا ولد لأحدهم مولود وأتى عليه سبعة أيام غمسوه فى ماء لهم أصفر يسمونه ماء المعمودية، وصبغوه به ليطهروه به مكان الختان، فإذا فعلوا ذلك به قالوا الآن صار نصرانيا حقا. فأخبر الله أن دينه الإسلام لا ما تفعله النصارى. { ومن أحسن } استفهام تقرير للمؤمنين، ونفى أو توبيخ لليهود والنصارى، ونفى أى لا أحد أحسن. { من الله صبغة } تمييز محول عن الفاعل معنى، وعن المبتدأ والإضافة اصطلاحا، أى صبغة الله أحسن من كل صبغة، ويجوز كونه محولا عن الفاعل صناعة، على أن يؤخذ ذلك من مسألة الكحل، أى لا ترون أحدا أحسن فى حكمة الصبغة منه فى حكم الله، وتطهير الله المؤمنين من اوساخ الكفر لا تساويه صبغة، ودينه لا يساويه شئ يصبغ به فى زينة الدنيا ولا فى أمر الآخرة. { ونحن له عابدون } لا نعبد غيره، ولا نشرك به شيئا، كما تشركون أنتم معشر اليهود والنصارى، فهذه الجملة تعريض بشركهم، كما إذا حضر من يترك الصلاة فقلت تعييرا له أنا لا أترك الصلاة، وهى معطوفة على جملة آمنا، فهى من مقول قالوا المتسلط على آمنا، وإن قلت إذا عطفت على جملة آمنا، فكيف يصح جعل صبغة بدل ملة أو منصوبا على الإغراء، مع ما فيه من فك أجزاء الكلام بأجنبى ، وهو صبغة مبدل مما قبل قالوا وهو ملة أو النصب بفعل مستقل مقدر على الإغراء؟ قلت إنما صح نصب صبغة على الإبدال من ملة أو على الإغراء من جهة تقدير القول قبل قوله { نحن له عابدون } ، ويعطف هذا القول على ناصب ملة مقدر، أى اتبعوا أو الزموا ملة إبراهيم.
. إلخ. وقوله { نحن له عابدون } ، أى لله عابدون، فيكون قوله آمنا بدل اتبعوا أو الزموا المقدر الناصب لملة، فإذا عطفنا قولوا نحن له عابدون على الزموا ملة إبراهيم، فلا فصل وإذا عطفناه على اتبعوا ملة إبراهيم حنيفا فالفصل بالبدل، وهو صبغة المبدل من ملة، وهو غير أجنبى من المبدل منه. والله أعلم. ثم إن اليهود قالوا للمسلمين نحن أهل الكتاب الأول، وقبلنا أقدم ولم تكن الأنبياء من العرب ونحن أولى بالله منكم، ولو كان محمد نبيا لكان منا، وخاطبوه بذلك وقالوا لو كنت نبيا لكنت منا، ولو أنزل على أحد لأنزل علينا، لأن النبوة فينا والعرب عبدة أوثان، وكذا قالت النصارى، فنزل قوله تعالى { قل أتحاجوننا في الله.. }
[2.139]
Shafi da ba'a sani ba