Hamayan Zad Zuwa Gidan Gobe

Qutb Atfayyish d. 1332 AH
261

Hamayan Zad Zuwa Gidan Gobe

هميان الزاد إلى دار المعاد

Nau'ikan

أمر جبريل، فاقتلع أرضا من فلسطين من الشام ، وقيل أرضا من الأردن من الشام فطاف بها حول البيت سبعا، وأنزلها بوجه موضع بالطائف، فسميت الطائف بسبب الطواف، أى المكان الطائف، وذكروا أن سيلا قطع أرض المقام، فإذا فى أسفله كتاب، فدعوا إليه رجلا من حمير فترجمه إليهم فى جريدة، ثم قرأ عليهم، فإذا فيه هذا بيت الله المحرم، جعل رزق أهله من ثلاث سبل، مبارك لأهله فى الماء واللحم، وأول من يحله أهله، وروى لا تزول حرمتها حتى يزول الأخشبان وهما جبلان. { من آمن منهم بالله واليوم الآخر } من هو بدل أهله، بدل بعض، أتى به للتخصيص، خصص المؤمنين بالدعاء ليناسب قوله تعالى

لا ينال عهدى الظالمين

وقياسا عليه لما سأل الإمامة لذريته فأجاب الله تعالى وللمؤمنين، فتأدب أن يدعوه بالرزق للكفار، لأن الكفار يستعينون بالرزق على الكفر والمعاصى، فأجابه الله تعالى بأنى أرزق الكافر والمؤمن، وأن الرزق رحمة دنيوية تعم الكافر كما تعم المؤمن، كما قال الله تعالى { قال ومن كفر } أى قال الله له قل يا رب ارزق من آمن منهم، من آمن بالله واليوم الآخر، ومن كفر فلا أخص بالرزق المؤمن، كما أخص بالإمامة المؤمن، فضمير قال عائد إلى الله تعالى، ومن كفر عطف على من آمن فى كلام إبراهيم عطف تلقين، أو التقدير قال قل ومن كفر فقوله { ومن كفر } رد من الله على إبراهيم فى تخصيصه من آمن بالدعاء بالرزق. { فأمتعه قليلا } تمتيعا قليلا، أو زمانا قليلا، والدنيا كلها قليل ولا سيما عمر الإنسان. وعن الحسن المراد بالقليل ما بين ذلك إلى خروج محمد، صلى الله عليه وسلم. فإن الله أمره أن يخرجهم من المسجد الحرام. كقوله

حتى جاءهم الحق ورسول مبين

الفاء للتعليل أى قال الله له قل ومن كفر لأنه أمتعه.. إلخ، ويجوز أن يكون من شرطية، والجواب أنا أمتعه، أو قد أمتعه، فحذف المبتدأ، أو قد بين الفعل والفاء، أو هو موصولة مبتدأ أشبهت الشرطية فى العموم، أى والذين كفروا أمتعهم أيضا، وعلى هذين الوجهين أيضا فى الكلام تعميم فى الرزق للمؤمن والكافر، ورد على إبراهيم فى تخصص المؤمن فى دعائه بالرزق وليس رد إنكار أو تخطئة، ولكن إرشاد إلى حكمة ا لله وقضائه بالتمتيع قليلا، فالاضطراب إلى العذاب، فإن قلت كيف يترتب التمتيع على الكفر؟ قلت ترتب عليه باعتبار مسببه وهو الاضطرار إلى عذاب النار، فإن الاضطرار إليه مسبب والكفر سبب، وهذا كما يتم الربط والفائدة بالتابع أو غيره، ووجه آخر أن معنى تمتيعه قصره على متاع الدنيا بحيث لا ينال عمل الآخرة، فهذا خذلان مترتب على الكفر مسبب له، ويترتب على هذا الخذلان بالتمتيع العقاب بالنار، ولذا عطف على التمتيع قوله { ثم أضطره إلى عذاب النار } أى أوجهه إلى عذاب النار على كره منه لكفره، واستعماله متاع الدنيا فى المعاصى، وأضطر مضارع مبنى للفاعل متعد للمفعول، وهو أفتعل من الضرر، أى أوقعه فى عذاب النار الذى هو ضرر، وطاؤه عن تاء.

وقرئ فأمتعه بضم الهمزة كقراءة الجمهور، وإسكان الميم وتخفيف الميم، وهو مضارع كقراءة الجمهور، والتعدية فيها بالهمزة المحذوفة، وفى قراءة الجمهور بالتشديد. وقرأ أبى فنمتعه ثم نضطره بالنون، فقرأ ابن محيصن ثم أطره بإبدال الضاد طاء، وإدغامها فى الطاء وهو لغة ضعيفة، لأن حروف ضم شفر يدغم فيها ما قبلها ولا تدغم فيما بعدها، وقرأ يحيى بن وثاب فإضطره بكسر الهمزة على قراءة كسر حرف المضارعة، وقرأ ابن عباس وابن عامر فأمتعه بفتح الهمزة وإسكان الميم وإسكان العين، ثم اضطره بوصل الهمزة وضم الراء مشددة على أنهما بصيغة الأمر، دعاء من إبراهيم أن يمتع الكافر قليلا ثم يضطره إلى عذاب النار، وعلى هذه القراءة يكون ضمير قال عائد إلى إبراهيم عليه السلام قال أبو العالية كان ابن عباس يقول ذلك قول إبراهيم سأل ربه أن من كفر فأمتعه قليلا. يقول فارزقه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار أى ألجئه. { وبئس المصير } هو أى العذاب أو هى أى النار، والمصير اسم مكان، أى الموضع الذى يصير إليه أن ينتقل إليه.

[2.127]

{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } مقتضى الظاهر أن يقال وإذ رفع لكن أتى بالمضارع حكاية للحال الماضية إحضارا لصورتها العجيبة المستحسنة، حتى كأنه يرفع إبراهيم القواعد حال نزول الآية رفعا مشاهدا. أو المعنى واذكر إذا كان يرفع، والقواعد جمع قاعدة، اسم فاعل من القعود بمعنى الثبوت، أى قطعة قاعدة أو بقعة قاعدة أو أرض قاعدة، والمراد الأساس والأصل، ثم تغلبت عليه الاسمية فصار لا يحتمل الضمير ولا يقدر له موصوف، ويجوز أن يكون مجازا من المقابل للقيام، شبه أصول البيت بمن قعد بجامع عدم الارتفاع، ويقال قعدك الله بكسر القال وفتحها، وإسكان العين وفتح الدال، ورفع اسم الجلالة، وقعيدك الله وذلك دعاء أو يمين، ومعناه الدعاء أو القسم بأن يثبتك الله، ونصب قعد أو قعيدا على المصدرية، ورفع اسم الجلالة على الفاعلية. ومعنى رفع الأساس رفع البناء عليه إن كان له أساس قديم، وبنى عليه، وإلا فرفعه هو بناؤه على الأرض على وجهها، أو من داخلها، لأنه إذا بناه من داخل فقد رفعه من داخل، فلما وقع الرفع عليه بالنباء سمى مرفوعا. أو شبه الهيئة الحاصلة بالبناء بإقامة ما قعد وتمديد ما تداخل، كما يمد الشئ القصير فيطول، وينشر المطوى فيطول، ويجوز أن يكون المعنى وإذ يجعل إبراهيم صفوفا من حجارة وطين فوق صفوف، حتى كان بناء مرتفعا، فكل صف قاعدة وأساس للصف الذى فوقه، وجميع الصفوف فوقه، وقد فسر الكسائى والفراء القواعد بالجدر، وأبو عبيدة بالأساس، وقيل المراد برفع القواعد من البيت إظهار شرف البيت، ودعاء الناس إلى حجه، وفى إبهام القواعد، إذ قال القواعد ولم يقل قواعد البيت وتبيينها بعد ذلك بقوله { من البيت } تفخيم لشأنها، قيل إن أول من بناه إبراهيم. وقيل إنه بناه الملائكة قبل خلق آدم، وقيل بناه آدم ورفع البناء وأنفد الأساس، فأظهره الله تعالى لإبراهيم بالريح، أمرها الله فكشفت عنه التراب فبنى عليه. { وإسماعيل } عطف على إبراهيم، وإنما بنى البيت إبراهيم، وأما إسماعيل فإنما كان ينقل الحجارة إليه ويناوله، لكن لما كان له مدخل فى البناء عطف على إبراهيم، إذ البناء كان بنقله الحجارة ومناولته إياها لإبراهيم، وقيل كان يبنى فى طرف وإبراهيم فى طرف، أو تارة يبنى إبراهيم وتارة يبنى إسماعيل. قال ابن عباس بنى البيت من خمسة أجبل طور سيناء وطور زيتا، ولبنان بالشام، والجودى بالجزيرة، وقواعده من حراء بمكة. ولما انتهى إبراهيم إلى موضع الحجر الأسود قال لإسماعيل ائتنى بحجر حسن يكون للناس علما، فأتاه بحجر. فقال ائتنى بأحسن منه، فصاح أبو قبيس يا إبراهيم إن لك عندى وديعة فخدها، فقذف بالحجر الأسود.

قيل تمخض أبو قبيس فانشق عنه، وقيل أتاه به جبريل من السماء، وقد خزن فيه من الطوفان، فأخذه إبراهيم فوضعه مكانه. وقيل إن الله تعالى أمد إبراهيم وإسماعيل بسبعة أملاك يعينونهما فى بناء البيت. قال سماك بن حرب، عن خالد، عن عروة أن رجلا قام إلى على فقال ألا تخبرنى عن هذا البيت؟ قال إن شئت أنبأتك كيف بنى؟ قال نعم يا أمير المؤمنين. قال على إن الله تعالى أوحتى إلى إبراهيم أن ابن لى بيتا فى الأرض، فضاق إبراهيم بذلك ذرعا، فبعث الله عز وجل إليه السكينة لتدله على موضع البيت، وهى ريح عجوج لها رأسان تشبه الحية، فتبعها إبراهيم عليه السلام حتى أتى مكة، فانطوت السكينة على موضع البيت كما تنطوى الحية، وأمر أن يبنى حيث تستقر فبنى، قيل كان إبراهيم عبرانيا وإسماعيل عربيا، فألهم الله تعالى كل واحد منهما لغة صاحبه يعرفه ما يقول ولا ينطق به، فكان إبراهيم مسمى الحجر كبيا ويسميه إسماعيل حجرا. وذكر بعض أنه لما بنى قواعدة من حراء بقى حرا فذهب إسماعيل يبتغيه ثم رجع فوجده قد ركب الحجر فى مكانه، فقال يا أبت من أتاك بهذا الحجر؟ فقال أتانى به من لم يكلنى إليك. وروى أن البيت بنى سبع مرات، بنته الملائكة، ثم آدم، ثم إبراهيم، ثم تبع، ثم قريش على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو طفل ينقل معهم الحجارة، ثم ابن الزبير، ثم الحجاج. وقيل بنته قريش على عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، وهو بالغ شاب، ووضع الحجر مكانه. قيل لم يزل البيت على بناء إبراهيم عليه السلام إلى سنة خمس وثلاثين من مولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه بخمس سنين، فهدمت قريش الكعبة ثم بنتها. وكان السبب فى ذلك على ما ذكر ابن اسحاق وغيره من أهل الأخبار أن الكعبة كانت رصا فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها، وكان البحر قد رمى سفينة إلى جدة لرجل من التجار، فتهيأ لهم بعض ما يصلحها، وكان على جدارها حية تخرج كل يوم فتشرف على جدار الكعبة، فكانوا يهابونها، وكانت لا يدنو منها أحد إلا نزلت إليه وكشت وفتحت فاها، فبينما هى ذات يوم تشرف من جدار الكعبة كما كانت تصنع، إذ بعث الله إليها طائرا فاختطفها، فذهب بها، فقال قريش إنا لنرجو أن يكون الله قد رضى ما أردنا، وقد كفانا الله الحية، فلما أجمع أمرهم على هدمها وبنائها تناول أبو وهب بن عمر بن عمير بن عابد بن عمر، وابن مخزوم منها حجرا فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه، فقال يا معشر قريش، لا تدخلوا فى بنائها من كسبكم إلا طيبا، ولا تدخلوا فيها من مهر بغى، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد.

ثم إن الناس هابوا هدمها فقال الوليد بن المغيرة أنا أهدمها لكم، فأتوا بالمعول ثم قام فيها وهو يقول اللهم لا نريد إلا خيرا، ثم هدم ناحية الركنين فتربص الناس من تلك الليلة، وقالوا ننتظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت، وإن لم يصبه شئ فقد رضى الله ما صنعنا، فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله، فهدم وهدم الناس معه حتى انتهى الهدم إلى حجارة خضر كأنه أسنمة الإبل، قد دخل بعضها فى بعض، فأدخل رجل من قريش معوله بين حجرين منها ليقلع أحدهما، فلما ترك الحجر تحركت مكة كلها، فعلموا أنهم قد انتهوا إلى الأساس، وكانت كل قبيلة تخرج على حدة فتبنى، ولما بلغوا موضع الحجر الأسود من الركن أرادت كل قبيلة أن تضعه حتى تواعدوا القتال وتحالفوا، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما، ثم تعاقدوا هم وبنو عدى بن كعب على الموت وأدخلوا أيديهم فى ذلك الدم فسموا لعقة الدم بذلك، فأقاموا أربع ليال أو خمسا على ذلك، ثم اجتمعوا فى المسجد فتشاوروا وتناصفوا، فذكر بعض الرواة أن أبا أمية بن المغيرة، وكان يومئذ سيد قريش، قال يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل عليكم من باب هذا المسجد يقضى بينكم، فرضوا بذلك وتوافقوا عليه، فكان أول من دخل عليهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبروه الخبر، فقال لهم هلموا إلى ثوبا، فأتى به فبسطه ثم أخذ الحجر الأسود فوضعه فيه بيده، ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه، جميعا ففعلوا ذلك حتى إذا بلغوا موضعه. وضعه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيده، ثم بنى عليه، فكانت الكعبة كذلك على ما بنتها قريش إلى سنة أربع وستين من الهجرة، حاصر الحصين بن نمير السلولى عبدالله بن الزبير، فقدحوا البيت بالمجانيق حتى مالت حيطانه، وإنه مع ذلك احترق، كانوا يوقدون حولها، فهبت الريح بشرارة فوقعت بباب الكعبة فأحرقت خشبها. قال عروة بن أدية قدمت مع أبى يوم احترقت الكعبة، ورأيت الركن قد اسود وانصدعت منه ثلاثة أمكنة، وقالوا ما احترقت الكعبة إلا بسبب هذا، وأشاروا إلى رجل من أصحاب ابن الزبير، أخذ قباسا برأس رمح، فطارت الريح فضربت به أستار الكعبة ما بين الركن اليمانى والحجر الأسود. وقيل كان السبب فى ذلك أن امرأة كانت تبخر الكعبة فطارت شرارة من النار فأحرقت البيت، فكان أول ما تنازع الناس فى القدر يومئذ فقال ناس هذا بقدر الله تعالى وهو الحق، وقال ناس ليس هذا من قدر الله فهدمها عبدالله بن الزبير حتى سواها بالأرض، فتحير الناس فى الطواف، فطاف جابر بن زيد رحمه الله من وراء الأساس فتبعه الناس، فكانوا يصلون إليه، وجعل الركن الأسود عنده فى تابوت فى خرقة من حرير، وجعل ما كان من حلى البيت وما يوجد فيه من ثياب وطيب عند الحجر، ثم أعاد بناءه، وقال

Shafi da ba'a sani ba