Hamayan Zad Zuwa Gidan Gobe
هميان الزاد إلى دار المعاد
Nau'ikan
واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح
واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد
ومفعولا لاذكر مقدرا إذ لم يذكر، أى واذكر وقت قول ربك للملائكة، ووقت كونكم قليلا. وهو صحيح عندى، ألا ترى أنه يصرف إلى الإضافة نحو حيئنذ ويومئذ؟ فكيف لا يصرف إلى المفعول؟ وهو اسم وضع لنسبة ماضية هى النسبة فى الجملة التى أضيف إليها وقعت فيه أخرى هى نسبة ناصبة كما أن إذا وضعت لزمان نسبة مستقبلة، وقعت فيه نسبة أخرى، وبنيا لشبه الحرف فى الافتقار لا لشبه الموصول، نعم هما شبيهان به فى لزوم الجملة بعده، وفى إذ سبب آخر هو الوضع على حرف، وفى إذا سبب آخر هو شبه أن الشرطية فى المعنى وقد استعمل إذ فى الاستقبال، أو فى التعليل، أو فى الجواب والجزاء، نحو أكرمك إذ أكرمتنى، وكذا إذا استعمل لثلاث نحو إذا أكرمتنى أكرمتك. والتى ينصب المضارع بعدها هى إذا، وإذا حذف ألفها للساكن. وقال معمر بن المثنى وأبو عبيدة إذ زائدة للتأكيد فى جميع القرآن. وليس بصحيح لأن الأصل عدم الزيادة ولا سيما فى الأسماء. وأضاف رب إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وخاطبه بالكاف تشرف من الله - جل جلاله - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - إظهار اختصاصه به، والملائكة جمع ملك مفتوحة، فلام ساكنة، فهمزة مفتوحة. فكاف. نقلت فتحة الهمزة للام قبلها، فحذفت الهمزة تخفيفا. وردت فى الجمع فهو كشمائل جمع شمال. والأصل مالك بميم مفتوحة، فهمزة مفتوحة، فلام ساكنة. ثم أخرت الهمزة عن اللام، ونقل فتحها إليه وحذفت، وذلك أنه من الألوكة وهى الرسالة، لأنهم وسائط بين الله وبين الناس، فهم رسل الله. وأو كرسل بنى آدم من الله تعالى إليهم.
ولو جمعا على هذا الأصل، لقيل مآلكة بميم فهمزة مفتوحتين، فالألف، فلام مكسورة والتاء لتأنيث الجمع. قاله الزمخشرى قال السعد أى لتأكيد تنيث الجمع. وقيل للمبالغة، كتاء علامة ونسابة وراوية. والأول هو الصحيح. والميم زائدة كما علمت. وقيل الميم أصل من الملك، بكسر الميم أو فتحها، وهو القوة. فالهمزة فى الجمع على خلاف القياس، زائدة فيه. ليس فى لفظ المفرد ولا فى تقديره. وزيادة الميم هو قول الجمهور. فقدر الهمزة فى المفرد. والملائكة أجسام لطيفة من نور، وقيل من غيره، لكنها تضىء كالنور، وليست لحما ولا دما ولا عظما، قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، وهكذا تراهم الرسل، وقالت طائفة من النصارى إن الملائكة هى أرواح الفضلاء الطيبين، من بنى آدم، الذين ماتوا ومن اعتقد هذا حكمنا بإشراكه لقيام الأدلة القاطعة على أن الملائكة ليسوا بذلك، من الأحاديث الدالة على أن بعضا خلق من النور، وبعضا من الذكر ومن اعتقد غير ذلك فهو مخالف للإجماع والواجب أن تعلم أن كل جملة غير الأخرى الملائكة جملة، والجن جملة، وبنو آدم جملة. فإذا قلنا إن الملائكة أرواح الموتى الفضلاء لزم أن يكونوا من بنى آدم. وأيضا قامت الأدلة أن الملائكة تبعث على حدة، فيلزم من أن يكون بنو آدم مبعوثين بلا روح آخر، او غير مبعوثين، أو مبعوثين بأرواح غير ما كانت فيهم فى الحياة الدنيا. وذلك كله شرك، لأنه إنكار للبعث، الموصوف شرعا بأنه بأرواح وحياة، وأنه لا يترك منهم شىء غير مبعوث مما كان فيهم فى الدنيا، فكيف يبعثون بدون الروح التى كانت فيهم؟ وإنما ينادى الملك أيتها الأرواح ارجعى إلى أجسادك. وزعم الحكماء أنها جواهر مجردة، مخالفة للنفوس الناطقة فى الحقيقة، فهى أرواح لم تكن فى أجساد. والملائكة قسمان قسم للعبادة وهم العليون والمقربون والكربيون قال الله جل وعلا
يسبحون الليل والنهار لا يفترون
وقسم لخدمة ما أمر الله به من وحى وسحاب ورجم وغير ذلك. فمنهم المدبرات أمرا أوهم كلهم المدبرات أمرا. أعنى القسم الثانى بعضهم سماوى وبعضهم أرضى، قال الله تعالى
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
وإن قلت فمن المراد بالملائكة فى قوله { وإذ قال ربك للملائكة } قلت الذى يظهر لى من السياق أنهم الملائكة الذين فى الأرض، يومئذ سكنوها واختصوا بها، كما توصف اليوم بسكانها. ووصفت ملائكة السماوات بسكونهن. ألا ترى إلى لفظة الخليفة مع قولهم { أتجعل فيها.. } إلخ، وقولهم { ونحن نسبح } ثم وجدت قولا بذلك لمن تقدمنى. وقيل المراد بهم الملائكة وإبليس المحاربون للجن. ودخل إبليس فى خطاب الملائكة وفى ذكرهم، لأنه فيهم، ومتعبد بعبادتهم، وقيل جميع الملائكة لعدم المخصص. وإن قلت لأى فائدة قال الله جل وجلاله للملائكة ما قال لهم؟. قلت قاله لفائدة إقامة الحجة، فيذعن من يذعن وهم الملائكة ويعصى من يعصى ويكابر، وهو إبليس.
وليقولوا ما يقولون، فيظهر لهم الحكمة فى جعل الخليفة، وليزدادوا خضوعا إذا رأوا أن مخلوقا بشهوات وموانع عظيمة عن العبادة داعيات إلى المعاصى، اجتهد وخرقها، وأطاع الله، فيظهر لهم أن عبادته أفضل من عبادتهم، وللتبشير به بشر به الملائكة، فجوابهم له تعجب، كيف يكون هذا من جنس من يفسد ويسفك الدماء مبشرا به، لعدم علمهم بالسبب الحقيق، ولتعظيمه بتسميته خليفة، قبل خلقه ولإظهار فضلة الراجح على ما فيه من المفاسد بسؤالهم أتجعل فيها؟ وجوابه { إنى أعلم ما لا تعلمون } ولبيان أن المعتبر الغالب فى آدم - عليه السلام - الطاعة، فلا يترك الله - عز وجل - خيرا كثيرا لشر قليل، ولتعليم المشاورة فيشاور العظيم، ومن هو دونه من أهل الثقة والنصح، وإن كان غنيا بعلمه وحكمته، قبل إقدامه على أمر، وليصونهم عن اعتراض الشبهة، بعد جعل الخليفة، فإن الاعتراض بعد الفعل أعظم منه قبله، لأن فيه إبطالا للفعل والرأى وإزراء بالفاعل وهذا فى غير الملائكة. وأما هم فمنزهون. { إنى جاعل فى الأرض خليفة } أى مصير فيها خليفة. فجاعل من الجعل التصييرى متعد لاثنين، الأول خليفة والثانى فى الأرض. أو خالق فيها خليفة، فهو من الجعل بمعنى الخلق، متعد لواحد وهو خليفة، وفى الأرض متعلق على هذا بجاعل. وإنما نصب جاعل مفعولين أو المفعول لأنه للاستقبال، ومعتمد على مسند إليه وهو الياء. والمراد بالأرض الأرض مطلقا، لعموم اللفظ. وقال ابن سابط عن النبى صلى الله عليه وسلم إن الأرض هنا هى مكة، لأن الأرض دحيت من تحتها، ولأنها مقر من هلك قومه من الأنبياء. وإن قبر نوح وهود وصالح بين المقام والركن. والخليفة من يخلف غيره وينوب منابه. وقرئ خليقة بالقاف أى نفسا مخلوقة، أو نفوسا مخلوقة. والجمهور يقرءون خليفة بالفاء، والتاء فيه تاء النقل من الوصفية إلى الاسمية، إذ أصله وصف وقيل للمبالغة، والمراد بالخليفة آدم - عليه السلام - لأنه خليفة الله فى أرضه، بمعنى أنه يعمل فيها بأمره وشرعه، وكل من يعمل فى موضع بأمر غيره فهو خليفته فيه. فمن يعمل بالمعصية فهو خليفة إبليس - أعاذنا الله من ذلك - وكل نبى خليفة الله - سبحانه وتعالى - فى عمارة الأرض بالعدل، وسياسة الناس، وتكميل النفوس، وليس ذلك لحاجة به تعالى عنها، ولكن خلق الناس غير مطيقين لسماع كلام يخلقه الله بلا واسطة، ولا لسماع كلام الملائكة وخلق الأنبياء مطيقين على سماع كلام الملائكة، فكانوا وسائط إلى الناس، وأطاق الملائكة على سماع كلام يخلقه الله جل وعلا وأطلق عليه بعض الأنبياء كموسى عند إرادة اقتباس النار، وعند المناجاة. وسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج، إذا قيل إنه سرى بجسده، ولا نقول إنه رأى الله.
فالنبى بين الملك والناس، كالغضروف بين اللحم والعظم، لعجز العظم عن أخذ الغذاء من اللحم، لتباعد ما بينهما إلا بالغضروف. وإن قلت لم ذكر الله - جل وعلا - آدم وحده دون ذريته؟ قلت لأنه وحده الخليفة، ولما مات كان ولده الصالح خليفة عنه، فولده خليفة الخليفة. وهكذا كل متأخر خليفة عن متقدم. ولك أن تقول أشار بآدم إلى آدم وبنيه، كما يقال مضر ويراد القبيلة وأبوها المسى مضر. ويطلق اسم أبو القبيلة عليها فقط أيضا. ويجوز أن يكون المراد بالخليفة جنس من يكون خليفة، فيشمل آدم وذريته. وقول ابن مسعود رضى الله عنه خليفة منى فى الحكم يحتمل آدم وحده، ويحتمل آدم وذريته، لكنه نص فى أن الخلافة عن الله - عز وجل - قال ابن عباس - رضى الله عنه - كانت الجن قبل بنى آدم فى الأرض، فأفسدوا وسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم قبيلا من الملائكة فقاتلوهم. ولحقوا أكثرهم بجزائر البحار ورءوس الجبال. وخلق آدم وذريته وجعلهم خليفة. فهذا يتبادر منه أن المراد فى الآية الخلافة عن الجن وقيل أرسل إليهم قبيلا من الملائكة، وجعل رئيسهم إبليس فقاتلوهم ودمروهم وألحقوهم بالجبال والجزائر. وقيل الخليفة آدم وأنه سمى خليفة لأنه تخلفه أولاده. وذكر الكلبى أن الله - تعالى - جعل الملائكة عمار السماوات، ولكل أهل سماء دعاء وتسبيح وصلاة، وكل أهل سماء أشد عبادة وأكثر ممن تحتها. وكان إبليس فى جند من الملائكة فى السماء الدنيا، وكان الجن الذين خلق أبوهم من النار عمار الأرض. ولما وقع فيهم التحاسد والعتو اقتتلوا. فبعث الله جندا من الملائكة من السماء الدنيا فيهم إبليس وهو رأسهم ليجلوهم عن الأرض فألحقوهم بجزائر البحار. وسكن إبليس وجند الملائكة، فهان عليهم العمل فيها، وأحبوا المكث فيها، ثم أذن الله أن يخلق آدم وذريته فيكونوا هم عمار الأرض، فقال للملائكة الذين فى الأرض وإبليس { إنى جاعل فى الأرض خليفة } ورافعكم منها، فوجدوا من ذلك فقالوا ما ذكر الله - عز وجل - عنهم بقوله { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها } بالمعاصى، وقيل بالشرك. { ويسفك الدمآء } الاستفهام لمجرد التعجب. إذ لم يعلموا ما السبب فى استخلاف من يفسد ويسفك، عمن لا يعصى طرفة عين، وليس اعتراضا على الله، لأن الاعتراض عليه كبيرة، وهم معصومون من الصغيرة والكبيرة، عندنا وعند جمهور قومنا، وزعم بعض قومنا أنهم غير معصومين، لاعتراضهم على الله - جل وعلا - وقد علمت أى ذلك تعجب لا اعتراض ولقصة هاروت وماروت، وسيأتى الجواب عنها، إن شاء الله، قال الله - عز وجل
Shafi da ba'a sani ba