وعن أبي العوّام، عن قتادة في قوله ﷿:) وجاءكم النذير (، قال: الشَّيْب.
ورؤي يحيى بن أكثم في النوم، فقيل له: ما صنع الله بك؟ قال: قدّمني بين يديه وقال لي: بئس الشَّيخ أنت، وأمر بي إلى النار. قال: فمكثت أكثر الالتفات، فقال لي: يا يحيى مالك تلتفت؟ فقلت: يا ربّ، حدثني يزيد بن هارون، عن هشيم، عن حميد الطويل، عن أنس عن نبيّك ﷺ أنّك قلت: " إنّي لأستحيي عبدي يشيب في الإسلام أن أعذّبه "، فقال عز ذكره: صدق يزيد، صدق هشيم، صدق أنس، صدق نبيي، ردّوه إلى الجنة.
قال عبد الملك بن عمير: إذا أسنّ الرَّجُل استحكم وذهب حدّه وحسن خلقه. وإذا أسنّت المرأة عقم رحمها وحدّ لسانها وساء خلقها.
وقال النّبي ﷺ: " لا يتمنّين أحدكم الموت، فإنّ المؤمن يزداد بطول عمره خيرًا ".
وعن الصّنابحيّ، عن معاذ بن جبل، عن النبي ﷺ، قال: " لا تزول قدم العبد يوم القيامة حتَّى يسأل عن أربعة: عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ".
وقال بعض الصالحين في دعائه: اللهم إنّ المخلوقين إذا شاخ عبد في خدمتهم أعتقوه، وقد شخنا في خدمتك فأعتقنا من النار.
وقال النّبي ﵇: " أكثر فناء أمّتي ما بين الستين والسبعين " ويقال: إذا ابيضّ فوداك فلا يسودّن فؤادك.
ومن كلام بعضهم: ما أنقذ سهم المنيّة فيمن حنا قوسه الكبر.
من قيّده الهرم لم يطلقه إلاَّ الموت.
جاء شيخ إلى الطبيب، فقال: إنّي أشتكي فترة أعضائي وقلّة استمرائي ووهنًا في مفاصلي ونحو ذلك ممّا يعتري المشايخ فماذا أعمل؟ فقال: إنّ هذه العلّة الَّتي اعترتك تسمى كابوريا، قال: فما علاجها؟ قال: قابوريا، فقال: فسّر لي، فقال: هي الكبر وعلاجها القبر.
وفي الزبور مكتوب: من بلغ السبعين اشتكى من غير علّة.
قال: أشرف المعتضد علَى قصر له فرأى امرأة في الطريق تمشي بدلال وتثن، فأعجبه مشيها وتثنيها. فقال: عليّ بها، فمروا فأخذوها وجاءوا بها، فقال لها: أحرّة أنت أم مملوكة؟ فقالت: مملوكة، فقال لها: أسفري، فإذا وجه من أملح ما يكون. وكان في لحية المعتضد شعرات بيض، فقال المعتضد: مروا إلى مولاها فاشتروها بما يحكم به، فقالت: يا أمير المؤمنين ليس لي عيب إلاَّ شيء واحد أحبّ أن تقف عليه قبل شرائي، فقال: وما هو: في رأسي شعرات بيض، فقال المعتضد: مرّي فلا حاجة لنا فيك. فولّت ثمَّ: رجعت وقالت: ليس في رأسي بياض ولكني كرهت منك ما كرهت منّي، فخلاّها المعتضد.
باب
النسيب والملاهي
قال بشار بن برد:
يا قُرّةَ العينِ إنّي لا أُسمّيكِ ... أُسْمي سواكِ أُفدّيها وأعنيكِ
يا أطيبَ النَّاسِ ريقًا غيرَ مُخْتبرٍ ... إلاَّ شهادةَ أطرافِ المساويكِ
قد زُرْتنا زورةً في الدَّهْرِ واحدةً ... ثَنِّي ولا تجعليها بيضةَ الديكِ
وقال آخر:
تَطوي المنازلَ عن حبيبكَ دائمًا ... وتَظلُّ تبكيه بدمعٍ ساجِمِ
هلاّ أقمتَ ولو علَى جمرِ الغَضا ... قُلِّبتَ أو حدِّ الحُسامِ الصارمِ
كَذبتْك نفسُك لستَ من أهلِ الهَوَى ... تشكو الفراقَ وأنتَ عينُ الظالمِ
وقال عدي بن زيد:
يا سُلَيْمَى أوقدي نارًا ... إنّ منْ تهويْنَ قد حارا
رُبَّ نارٍ بِتُّ أرمُقُها ... تقضم الهِنْديّ والغارا
عِنْدُها ظبيٌ يُورّثُها ... عاقِدٌ في الجيد تِقْصارا
رشأٌ في طرفهِ حَورٌ ... وتَخالُ الخدَّ دِينارا
وقال قيس بن ذريح:
فواكَبِدا وعاودني رُداعي ... وكانَ فراقُ لُبْنى كالخِداعِ
أطافَ بيَ الوُشاةُ فأزعجوني ... فيا لله للواشي المُطاعِ
فأصبحتُ الغَداة ألومُ نفسي ... علَى أمرٍ وليسَ بمُسْتطاعِ
كَمغبونٍ يَعضُّ علَى يديه ... تَبيَّنَ غَبْنه بعد البِياعِ
وقال عروة بن حزام:
لقد تركتْ عَفْراءُ قلبي كأنّه ... جَناحا غُرابٍ دائما الخفقانِ
ألا لعنَ اللهُ الوُشاةَ وقيلهم ... فُلانةُ أمسَتْ خُلَّةً لِفُلانِ
ضَمنْتُ لعَرّافِ اليمامةِ حكمه ... وعرّافِ مصرٍ إنْ هما شَفيانِ
1 / 12