أسماء المشخصين
رواية الحكيم الطيار
أسماء المشخصين
رواية الحكيم الطيار
الحكيم الطيار
الحكيم الطيار
تأليف
إبراهيم صبحي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أهدى لنا العقل لنشخص به ما نشاء، وجعل الدنيا مرسحا لجميع الأشياء، وصلى الله على سيدنا محمد المبعوث لخير أمة، وعلى جميع من اتبعه وأمه.
Shafi da ba'a sani ba
أما بعد، فأقول وأنا الفقير إبراهيم صبحي، جعل الله السعادة ربحي: إني قد عثرت أثناء مطالعتي في الكتب الإفرنجية، على هذه الرواية المضحكة البهية، وهي من مؤلفات موليير، الذي برع في هذا الفن الشهير، ولكونها من الروايات الظريفة، ترجمتها إلى اللغة العربية الشريفة؛ لأجل التفكه بمطالعتها، والتروح بتلاوتها، مؤملا ممن وقف عليها غض النظر عما يجده فيها من الخلل، فإن الإنسان محل الخطأ والخطل، لا سيما وأن هذه أول شيء ترجمته، ومن لغة إلى لغة نقلته، وصغر سني هو من أكبر المتشفعين، فإني لم أبلغ من السن سوى إحدى وعشرين، وقد آن وقت الشروع، في التكلم في هذا الموضوع.
أسماء المشخصين
جورجيبوس (أبو لوسيله).
لوسيله (بنت جورجيبوس).
فالير (معشوق لوسيله).
سبينه (بنت عم لوسيله).
سجنرل (خادم فالير).
جروريني (خادم جورجيبوس).
أفوكاتو.
رواية الحكيم الطيار
Shafi da ba'a sani ba
المنظر الأول (فالير مع سبينه)
فالير :
آه يا سبينه، ما هي الآن أخبار لوسيله؟ وهل عندك للوصول إليها حيلة؟
سبينه :
يوجد عندي كثير من الأخبار؛ وهو أن عمي يريد باليقين أن يزوج بنته بقلبركين، فلو لم تكن معشوقها الوحيد، وحبيبها الفريد، لنفذ السهم، وقضى الله أمرا كان مفعولا، ولكن حيث إنها أمنتني على سر حبها إياك، وأوضحت لي ما تريد فعله لرضاك، ولكوننا على نهاية العناء الشديد، من سوء أخلاق أبيها العنيد، خطر ببالنا مشروع لطيف، واختراع ظريف، لمنع هذا الزواج، بدون أدنى انزعاج؛ وهو أن بنت عمي لوسيله، جعلت نفسها عليلة، وأن أباها الفاسد الظنون، صار طائشا كالمجنون، وأرسلني لإحضار حكيم خبير بفن الطب عليم، فبادر بإرسال حكيم صديق لك، عالم بأمرك، وكاتم لسرك، يأمرها بأن ترتاض في البساتين والرياض، فلا شك بأن أباها لا يتأخر عن راحتها وهواها، وإن امتنعت لا يلتفت إلى إباها، ويرسلها في بيته الجديد، الموجود في بستانه البعيد، وبهذه الطريقة يمكنك أن تتحصل عليها، وتتمكن من الوصول إليها، ولا يهمك سخط أبيها؛ لأن فلبركين لا يساويها.
فالير :
ولكن كيف يمكنني الآن وجود حكيم في قبضتي، ومن يريد أن يخاطر هكذا لخدمتي، فأنا أخبرك بكل حرية، أني لا أعرف أحدا بالكلية، وأرجوك أن تعملي فكرتك الجميلة، في تدبير حيلة نتوصل بها إلى حبيبتي لوسيله.
سبينه :
إني أفتكر في شيء لطيف، نافع لهذه المسألة خفيف، وهو أنك تلبس خادمك لبس الحكماء، وتقلده بأشهر الأطباء، فبهذه الطريقة يسهل لنا خدعه، ويتيسر لنا ردعه.
فالير :
Shafi da ba'a sani ba
إن خادمي مغفل كالحمار، وربما يبدل النفع بالأضرار، ومع ذلك يلزم البحث عنه، وطلب المساعدة منه، فلربما إذا اتضح الأمر لديه، سهل العمل عليه، ولكن أين يوجد هذا الشرير في هذا الوقت القصير (ثم يراه مقبلا عليه) .
المنظر الثاني (فالير مع سجنرل)
فالير :
آه يا سجنرل يا مسكين، لقد سررت برؤياك في هذا الحين؛ لأني محتاج لك في مسألة مهمة، يلزمك فيها بذل المجهود وغاية الهمة، فقط إني لست على يقين بأنك إذا كنت كفؤا لفعل ...
سجنرل :
إذا كنت كفؤا لفعل ... خدمني فقط في أشغالك الاعتيادية أو في أشغال أخر ضرورية؛ مثل أن ترسلني لأنظر كم الساعة، أو لمعرفة أثمان بعض بضاعة، أو لسقي حصان، أو لنداء فلان؛ ها هو ما تعلمه بأني كفؤ له، وأهل لأن أعمله.
فالير :
لا أريد شيئا من صنعك القديم، بل يلزمك أن تتقلد بحكيم.
سجنرل :
أنا ... حكيم ... يا سيدي، إني مستعد لعمل أي شيء ترغبه، وفعل كل أمر تطلبه، ولكن لأجل أن أتقلد بحكيم، فهذا أمر علي عظيم، أفهل يلد العقيم، فيا لله العجب العجيب؟! ما الغرض من أن تجعلني مثل طبيب؟ لا شك يا سيدي أنك تتهكم علي، وتنظر بعين الاحتقار إلي.
Shafi da ba'a sani ba
فالير :
لو تجيب طلبي بتأكيد وإثبات، لأعطيتك في يدك عشرة جنيهات.
سجنرل :
آه يا مولاي، إن الجنيهات لا تجعل الجاهل عليما ، ولا الخادم حكيما، وإنك تعرف جيدا يا سيدي بأنه ليس عندي قريحة زكية، ولا قوة عقلية؛ لأن أكون حكيما بوجه الحق، لربما فعلت فعلا أستحق عنه الشنق، ولكن إلى أين أذهب ومن أزور إذا صرت حكيما بالزور؟
فالير :
تذهب عند الرجل المهووس، السيد جورجيبوس، لتزور بنته العيانة، وتفعل كل شيء بالأمانة، ولكن ربما بغباوتك تبدل حسن العمل بسووو ...
سجنرل :
آه يا إلهي، سيدي، لا تتعب نفسك، ولا تشغل بهذا الأمر فكرك؛ لأني أجاوبك بكل صراحة وشدة: إني أميت المريض أحسن من أي حكيم بهذه البلدة، وفي المثل السائر بين الخاص والعام: «لا ينفع الحكيم بعد الموت ولا في المنام.» ولكن سوف ترى إذا انتظمت بسلك الحكماء، وتقلدت كما تقول بأشهر الأطباء، وصرت من ضمنهم بلا فوت، لانقلب المثل، وصار «بعد الحكيم الموت.» ومع ذلك عندما أفتكر في ذلك الأمر العظيم أجد أنه صعب جدا بأن أتقلد بوظيفة حكيم؛ لأني إذا فعلت فعلا يعاب ما العمل وما الحساب؟
فالير :
ما أسهل هذه المقابلة، وما أخف هذه المسألة؛ لأني أخبرتك بأن أباها جورجيبوس، رجل بسيط ومهووس، يندهش من كلامك، ويمتثل لمرامك، بشرط أنك تتكلم على أبقراط وجالينوس، وتخلع عنك العذار وتأخذ منه فلوس.
Shafi da ba'a sani ba
سجنرل :
إذا كان قصدك أن أتكلم معه في الرياضة والفلسفة، ولا ألام إذا وقع مني أدنى سفه، وكان حقيقة أن ذلك الرجل عبيط، وكما قلت لي إنه بسيط، فإني أعدك بنيل مرغوبك، وتنفيذ مطلوبك، فقط أعطني كسوة أي حكيم ترضاه، وأخبرني بما يلزم إجراه، وأعطني أيضا شهادتي الانتهائية، وهي العشرة جنيهات الاتفاقية. (فالير وسجنرل يذهبان.)
المنظر الثالث (جورجيبوس مع خادمه جروريني)
جورجيبوس :
اذهب بسرعة وابحث عن طبيب، لعل سعينا في زواج بنتي بقلبركين لا يخيب؛ لأنها الآن مريضة، وإحضار الحكيم علي أهم فريضة.
جروريني :
أعوذ بالله، أين فكرك المحروس؟ ولماذا تسعى في زواج بنتك بعجوز منحوس؟ أما تظن أن غاية مأربها أن تأخذ رجلا شابا يلاعبها؟ أما تنظر إلى المقارنة وتريد لها المعاونة؟ (ويتكلم بكلام مدغوم أي غير مفهوم .)
جورجيبوس :
هيا اذهب عاجلا بدون إلحاح؛ لأني أرى أن هذا المرض يسبب تأخير الأفراح.
جروريني :
Shafi da ba'a sani ba
إني لقد تكدرت جدا من هذا الأمر، الذي أحرمني من أكل البقلاوات والحلويات وشرب الخمر، فها أنا أيضا أصبت بالألم، على ما ترتب من قطع ذلك العشم، فإني ذاهب لأبحث عن حكيم لخادم بيتك، كما يلزمني أن أبحث عن حكيم لبنتك (ثم يخرج) .
المنظر الرابع (سيبنه - جورجيبوس - سجنرل)
سيبنه :
لقد اجتمع شملنا، ونجح أملنا، فأبشرك بخبر مفرح، ومسألة تشرح، وهو أني قد أتيت لك بأشهر الأطباء، وأمهر الحكماء، بقراط عصره، وفريد دهره، قدم علينا من البلاد الأجنبية، واسمه تترنم به الحيوانات البحرية والبرية، فإن شاء الله هذا الغريب، يشفي بنت عمي عن قريب، فلطالع سعدنا قد استخبرت عنه، ولتتميم وعدنا طلبت الحضور منه، فأجاب طلبي بلا تأخير، ومستعد في أي خدمة لك أيها الأمير، فإن كذب قولي فجازني، وليتني كنت مريضة ليشفيني.
جورجيبوس :
وأين هذا الرجل العظيم؛ حتى أقابله بكل إكرام وتعظيم؟
سيبنه :
ها هو الحاضر خلفي، ولا شك بمعرفته قد ازداد شرفي.
جورجيبوس :
إني لخادم متواضع لسيد العلماء، فلقد شرفتنا يا أشهر الحكماء، وكوني أرسلت للبحث عليك، هو أن بنتي مريضة ومحتاجة إليك، فلنتعشم بأن تتحسن صحتها، وإن شاء الله مهمتك تطول حياتها.
Shafi da ba'a sani ba
سجنرل :
أبقراط قال قولا، وجالينوس وافقه أيضا: أن الإنسان يمرض إذا كان مريضا. فلك الحق بأن تضع جميع عشمك في، وتستند أيضا علي؛ لأني أكبر الكبراء، وأعلم الحكماء، لما درسته في أزماني الخالية، وتعلمته من الأجسام المعدنية والنباتية النامية.
جورجيبوس :
لله درك من حكيم فصيح، لقد فتنتني بقولك الصحيح.
سجنرل :
لا تتصور بأن أكون طبيبا اعتياديا، أو حكيما عموميا، فإن بالنسبة إلى جميع الحكماء، ما هم إلا أصاغر الأطباء، ولي مناقب خصوصية، وكذلك أسرار شخصية: «بنجور بنجور هل عد قلب يا رودربك سنيورسي سنيورنو يبرأ ومنيا سوكول سوكولورم»
1
ولأجل أن أظهر لك معرفتي الجليلة، أريد أن أجس نبض يدك الجميلة.
سبينه (تقول إلى سجنرل) :
إن سبينه ليست عليلة، بل المريضة بنته لوسيله.
Shafi da ba'a sani ba
سجنرل :
لا يهم هذا الأمر أبدا، حيث كان دم الأب والابنة واحدا، فإذا تغير دم الأول فدم الابنة عن ذلك لا يتحول، ومع ذلك قد احتجت إلى الخلة الذميمة، وهي أن أنظر بول بنتك السقيمة.
جورجيبوس (يقول إلى سبينه) :
فلتذهبي يا سبينه في الحال، وتأتي ببول بنتي بلا إمهال. (سبينه تخرج، فيقول إلى سجنرل)
فإني والله يا سيدي الدكتور خائف لئلا الدوائر عليها تدور.
سجنرل :
آه لنحفظ من العدم بلا شك، ولا تموت ولا به ندرك، بدون معالجة الحكماء، والأمر بالدواء. (سبينه تدخل ويأخذ منها البول ويقول)
إن بولها يدل على أنها مصدعة، وبها حرارة مرتفعة. (ثم يشربه ويقول)
ومع ذلك فإنه لذيذ، وطعمه أحسن من النبيذ.
جورجيبوس :
Shafi da ba'a sani ba
ويلاه، كيف تشربه يا سيدي؟ هل هو ماء مستعذب؟ أو لبن مستحلب؟
سجنرل :
لا ينزل بك، ولا تندهش من ذلك، فإن أشهر حكماء اليونان، ينظرونه ولا يمسونه بأطراف البنان، ولكن حيث إني حكيم فوق العادة، فأشربه وإن لم يكفني أطلب أيضا زيادة؛ لأميز جيدا بسبب شربه، داعي المرض وما يختم به، ومع ذلك إذا أردت الحقيقة، فإن ما شربته كمية دقيقة، لا يظهر به حال المرض، ولا يوصل إلى إدراك الغرض، ولأجل أن يظهر المرض علانية، فلتبل أيضا مرة ثانية.
سبينه (تذهب وتعود) :
لقد بذلت وسعي وطاقتي، وصرفت في هذا الأمر عنايتي، وذلك كله لأن تبول، فما أمكنني الحصول.
سجنرل :
ويحاه، ما معنى ذلك؟ لربما توجد أسباب هنالك، فلتجتهدي في كونها تبول، وترجيها لعل ذلك يحل محل القبول. آه لو كانت المرضى تبول كما هي غاياتي، لكنت أريد أن أكون حكيما طول حياتي.
سبينه (تذهب وتعود) :
هاك ما تحصلت عليه بغاية الإمكان، وهي لا يمكنها أن تبول زيادة عن ذلك في هذا الآن.
سجنرل :
Shafi da ba'a sani ba
كفى يا سيدي جورجيبوس، هل بنتك حالها معكوس؟ ولا يمكن لهذه الفواخة
2
أن تبول كما نرغب، فأف لها من شخاخة، ولكن أقول لك وأنصح في القول: لا بد أن آمرها بشربة تدر البول، وهل في الإمكان مشاهدة الشخص العيان؟
سبينه
تقول له :
إننا الآن أقمناها، وإن أردت أحضرناها.
المنظر الخامس (سبينه - جورجيبوس - سجنرل - لوسيله)
سجنرل :
لا بأس عليك يا سيدتي، هل أنت مريضة يا حبيبتي؟
لوسيله :
Shafi da ba'a sani ba
أي نعم يا سيدي.
سجنرل :
وا أسفاه، فإن هذا دلالة على أنك في حالة اليأس، وهل تشعرين بألم شديد في الكليتين والرأس؟
لوسيله :
أي نعم يا سيدي.
سجنرل :
لقد اتضح الأمر بعد الخفاء، وإن شاء الله يكون على يدي الشفاء، نعم إن الحكيم أبقراط الشهير قال ... قال أشياء شتى، تحت الداء حتا، ومن حيث إن المواد التي عندها مقارنة، يكون أيضا عندها موازنة، مثلا الهموم ضد الأفراح، والخسارة ضد الأرباح، وإن الصفراء التي تنتشر في الجسم، تؤثر فيه وتظهر عليه ذلك الوسم، وإنه لا يوجد شيء ضد الصحة إلا السقم، فيمكنني أن أوافق هذا الحكيم ذا الهمم، وأقول لك: إن بنتك حالتها خطرة، فيلزم أن أكتب لها تذكرة.
جورجيبوس (يقول إلى سبينه) :
فلتذهبي يا سبينه بلا وسواس، وأحضري دواة وقلما وقرطاس.
سجنرل :
Shafi da ba'a sani ba
وهل في هذه العصابة أحد يعرف الكتابة؟
جورجيبوس :
وهل لا تعرفها يا دكتور؟ أما تعلمت أن تكتب السطور؟
سجنرل :
آه يا سيدي، فإني ما كنت أتذكرها، ولا أشغل نفسي بها؛ لأن فكري حائز عدة مسائل صعبة، حتى وإني نسيت نصف ... ومع ذلك أظن بأنه من الأمور الضرورية أن بنتك تتنزه بضعة أيام في البرية.
جورجيبوس :
عندنا يا سيدي بستان ظريف، وموجود به بيت لطيف، فإن كان هذا المحل يليق، أرسلها فيه، وأسأل الله التوفيق.
سجنرل :
لقد أصبت يا مولاي ولكن لعدم ضياع الأوقات، لنذهب عاجلا ونعاين هذه المحلات (ويذهب الجميع) .
المنظر السادس (الأفوكاتو وحيدا) (يقول في نفسه)
Shafi da ba'a sani ba
إني لمتكدر مما سمعته بمرض لوسيله، ومتأسف جدا من كونها عليلة، فيجب علي أن أزورها، لأقف على أخبارها، فلربما يكون الأمر محتاجا إلي، لأداء أي خدمة واجبة علي؛ لأن أباها صديقي، وفي كل شيء رفيقي. (ثم يتوجه إلى بيت جورجيبوس ويسأل عليه قائلا)
هل يوجد هنا السيد جورجيبوس، فقد بلغني أن بنته في شدة وبؤس.
المنظر السابع (جورجيبوس - الأفوكاتو)
الأفوكاتو :
إنه من مدة وجيزة، بلغني مرض بنتك العزيزة، فجئتك بكل نشاط وهمة؛ لأجل أن أزورها وأقضي لها أي خدمة.
جورجيبوس :
إني الآن كنت مصحوبا بأعلم الناس، وحكيم جميع الأجناس.
الأفوكاتو :
وأين هو الآن لأتشرف به برهة من الزمان؟
المنظر الثامن (جوجيبوس - الأفوكاتو - سجنرل)
Shafi da ba'a sani ba
جورجيبوس (يقول إلى سجنرل) :
يا سيدي الدكتور الشهير، والعالم النحرير، إن أمهر أصحابي متشوق إلى مخاطبتك، ويريد أن يتشرف بمعرفتك.
سجنرل :
ليس عندي فرصة الآن أيها المعتبر؛ لأني مجبور على زيارة مريض في حالة الخطر. (ويلتفت إلى الأفوكاتو ويقول له)
فلذلك لا أتمكن من مرافقتك، والإجابة إلى بغيتك.
الأفوكاتو :
يا سيدي، طبقا لما أبداه لي السيد جورجيبوس، مما أنت عليه من العلوم الجمة، والمعارف المهمة، اشتقت كثيرا أن أتشرف بمعرفتك، وأتمتع بمشاهدتك، وأظن أن هذا الأمر لا يعاب، ولا لوم فيه ولا عتاب، وفي الحقيقة أن جميع العلماء الأمجاد، هم أهل للمدح عند جميع العباد، وبالأخص علماء الطب؛ لما يحتويه هذا العلم من العلوم الأخر، وصعوبته ومنافعه التي هي أشهر من أن تذكر، وصدق أبقراط في قوله: «فيته برفس أرس فير لونجه أويتم إكسبر يمنتوم جيود سيوم بريكولسوم ديفسلي».
3 (فلما سمع سجنرل هذه الجملة من الأفوكاتو، أخذته الحيرة والغيرة، وأراد أن يحاكيه، فأخطأت استه الحفرة، وقال):
فيسلي تثينا بوتا بريل كمبوس تيبوس
4 (فظهر جهله حينئذ للأفوكاتو) .
Shafi da ba'a sani ba
الأفوكاتو :
لا شك أنك من الحكماء الدجالين، والظاهر أنك تستعمل الدجل دائما باليقين، إكسبرينسا مجستر ريدوم.
5
فإن علم الطب من العلوم المهمة، ومعظم لدى كل أمة، وإن الذين تمنطقوا بفن الطب، عزوا ووقروا عند كل شعب، حتى إن أغلب عصرهم اعتبروهم كآلهتهم؛ وذلك لكثرة المعالجات، التي كانوا يصنعونها في جميع الأوقات، فحينئذ لا يجب على الإنسان أن يحتقر حكيما لم يمكنه أن يبرئ المريض من علته؛ لأن صحته لا تختص قط بمعرفته ولا بأدويته إينتردوم دوكتابلوس فليت أرت ملوم،
6
يا سيدي خوفا من أن تعتبرني رذيلا، أستأذن منك بالذهاب، ولا تعدني ثقيلا متعشما بأن أتقابل معك الثاني، وأكلمك بكل راحة وتأن، فإن ساعاتك غالية وأفكارك عالية (الأفوكاتو يخرج) .
جورجيبوس (يقول إلى سجنرل) :
كيف تراءى لك هذا الشاب، وما رأيته فيه من البلاغة مع كونه شباب؟
سجنرل :
تراءى لي أنه يعرف بعض شيء قليل، وليس له من البلاغة شيء جليل، فلو مكث زيادة ولو ثانية، لفتحت له مسألة عالية، ومع ذلك أرجوك السماح، بأن تأذن لي بالرواح (جورجيبوس يمد له يده ليعطيه شيئا من الدراهم فيرد عليه سجنرل قائلا)
Shafi da ba'a sani ba
ويلاه يا سيدي ماذا تريد؟ فإن والله فعلك هذا غير حميد.
جورجيبوس :
لا تسل، فإني أعرف حقوقك، فخذهم ولا تكسف صديقك.
سجنرل :
وهل تريد بذلك أن تمازحني؟ أو فقط تريد تفرحني؟ فلا آخذهم على الإطلاق؛ لأني لست بذي إملاق. (ومع ذلك يأخذ منه الدراهم ويقول)
شكر الله هذا الصنيع، فإنه عندي لا يضيع.
سجنرال يتوجه لحال سبيله، وجورجيبوس يدخل في بيته.
المنظر التاسع (فالير وحيدا)
إني لا أعلم ماذا فعل سجنرل بحيله؛ لأني ما سمعت خبرا من قبله، وإني الآن في ارتباك عظيم لعدم وجوده، وعدم الوقوف على صنعه. (ففي هذه البرهة يدخل عليه سجنرل لابسا كسوة خدام فيستديم في قوله)
لك الحمد يا خالق العباد، ولك الشكر على نوال المراد، إذ قد حضر فتانا، وعندما افتكرناه أتانا، فقص لي ماذا صنعت حتى انتهيت وحضرت؟
Shafi da ba'a sani ba
المنظر العاشر (فالير مع سجنرل)
سجنرل :
صنعت عجبا على عجب، وكل شيء فعلته بلا تعب؛ لأن أباها اعتبرني كأمهر الأطباء، وقابلني مقابلة الأمراء، وقد أحسنت فيما عملته من الحيلة، واجتهدت في وصولك إلى حبيبتك الجميلة؛ لأني أخبرته بأن عدو الأمراض، هي الخلوات والرياض، فأرسل بنته إلى بيت في غاية الإتقان والنظافة، يحيط به بستان حاز أنواع اللطافة، وهو بعيد عن سكنه بمقدار نصف نهار، فسر إليها فهي في غاية الانتظار.
فالير :
بشرك الله بالخير، لما فرحتني يا أعز سفير، ولكن لأجل تتميم الصنعة، يلزمني أن أذهب إليها بكل سرعة (ثم يذهب مسرعا) .
سجنرل (يقول في نفسه) :
لا شك بأن أبا لوسيله رجل مغفل، وما فهم الحيلة. (ثم يلتفت فيرى جورجيبوس مقبلا عليه، فحينئذ يقول في نفسه أيضا)
كيف العمل؟ وما يلزمني؟ وإلا فيكشف سري ويعرفني، ولكن الأصوب عندي أن أغشه أيضا، ولا أبالي أيغضب أم يرضى. (فيصيح بصوت عال)
آه وا أسفاه، كيف العمل مع سيد الحكماء؟ حيث إنه طردني بسبب كب الدواء.
المنظر الحادي عشر (سجنرل مع جورجيبوس)
Shafi da ba'a sani ba
جورجيبوس :
نهارك سعيد يا سيدي.
سجنرل :
يا سيدي، يسأل منك خادمك، الواقف بين يديك، المصاب بالبليات، في كل وقت من الأوقات، بأن تخبره هل تعرف حكيما أتى هذه القرية، من مدة واهية، علاجه يبرئ العليل، ودواؤه يشفي الغليل.
جورجيبوس :
نعم أعرفه حق المعرفة، والآن كان عندي في المضيفة.
سجنرل :
إننا توءمان، وفي الخلقة متشابهان، ويظن لكل إنسان، أن أحدنا الآخر في أغلب الأحيان.
جورجيبوس :
لعن الله إبليس في مينه، فإنه مثل لي ذلك الأمر بعينه، ولكن ما اسمك حتى أعرف رسمك.
Shafi da ba'a sani ba
سجنرل :
اسمي نرسيس، خادمك الحديث، أعترف إليك بأني حينما كنت في الأودة، إذ عثرت بكرسي عليه زجاجات فجعلتها مردودة، ولا يخفى أن الحذر لا يمنع القدر، وعند القضاء يعمى البصر، فوقعت زجاجتان كانتا على ذلك الكرسي، وانسكب ما كان فيهما وذلك لشدة بأسي، فعند ذلك غضب شقيقي علي، وقام يسحبني من يدي، وأخرجني من البيت، وتوعدني بالإهانة إن أتيت، وإني فقير ذليل، ولا لي معرفة هنا ولا دليل.
جورجيبوس :
لا يهمك هذا الأمر، واستعن بالتجلد والصبر، وكن على يقين، بأني سأصالحك معه في أقرب حين؛ لأنه أعز أصحابي، وأحسن أحبابي، فإذا قابلته لاطفته، وعن هذه الأفكار صرفته.
سجنرل :
يا سيدي، إني أشكر فضلك الجزيل، وخلقك الجليل (ثم يخرج من المرسح، ويرجع في الحال لابسا كسوة الحكيم) .
المنظر الثاني عشر (سجنرل - جوجيبوس)
سجنرل :
لا شك أن المرضى الذين لا يتبعون أمر الحكماء، ويهتمون بالفسق و...
جورجيبوس (يقطع كلامه) :
Shafi da ba'a sani ba