Haka Nasr Abu Zayd Ya Yi Magana
هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن
Nau'ikan
ومرة أخرى خضع القرآن إلى هذا التجاذب؛ نتيجة تقسيم القرآن إلى محكم وإلى متشابه، ودون النظر في حتى سياق هذه الآية. على من تتحدث هذه الآية؟ من هم الذين في قلوبهم زيغ ؟ نحن نحتاج إلى دراسة القرآن مرة أخرى بعيدا عن هذه الرؤية اللاهوتية، وبعيدا عن هذه التقسيمات اللاهوتية.
يعني مثلا
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء (6/الأنعام: 125) طبعا إرادة الله، المعتزلة يقولون لك يضله يعني أطلق عليه اسم الضلالة، بمعنى أسماه، منحه الاسم. وندخل في: هل الاسم هو المسمى؟ فنعود مرة أخرى إلى قضايا لاهوتية تتزيا بالمصطلحات اللغوية.
مثلا
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا (17/الإسراء: 16) لا المعتزلة يعرفون حلها، ولا خصوم المعتزلة يعرفون حلها. الحلول اللاهوتية تفشل تماما؛ لأن هنا الإرادة والقصد، لكنهم يقفون عند «أمرنا»
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها
يعني: هل الله سبحانه وتعالى يأمر الناس بالفسق؟ السؤال هنا يدخل في اللاهوت ويبتعد عن اللغة، يبتعد عن إذا وعن شرطيته، ويبتعد عن أي قرية يتحدث عنها القرآن، ويبتعد عن السياق. كل محاولات المعتزلة: «أمرنا» ليست بمعنى فرضنا، وإنما بمعنى أكثرنا عددهم من «أمر» يعني كثر ومن هنا كلمات مؤتمر. في النهاية أكثرنا عددهم، وهذا هو السبب في الفسق. هذه كلها محاولات أعتقد أنها لاهوتية، وهذه المحاولات تفشل في رد القرآن إلى سياقه؛ سياق التهديد. هذه الآية في التهديد، تهديد القرية التي اضطهدت النبي
صلى الله عليه وسلم ، واضطهدت المسلمين. وهذه هي الإرادة الإلهية تعلن عن نفسها وتعلن عن إرادتها وموقفها إزاء هؤلاء:
وإذا أردنا أن نهلك قرية
هذا كلام موجه لمن؟ موجه لمشركي مكة، وسوف نتكلم في المحاضرة الأخيرة عن هذه المسألة بالتفصيل؛ يعني السياق. ففي هذا الخطاب، من المخاطب؟ نمط الخطاب؟ نوع الخطاب؟ لغة الخطاب ؟ كل هذا غاب بسبب، طبعا، الخلاف اللاهوتي المتجذر في الخلافات السياسية، كما شرحته قبل ذلك في المحاضرة السابقة.
Shafi da ba'a sani ba