Hakadha Takallam Zaradusht
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Nau'ikan
لقد نهضت أنا أما هؤلاء الرجال الراقون فلا يزالون مستغرقين في نومهم، أفيكون هؤلاء الرجال رفاقي الصادقين؟ لا ليسوا هم من أنتظر بين هذه الجبال.
أريد أن أبدأ عملي من أول نهاري وهم يجهلون نذير صباحي وصوت أقدامي لا ينذرهم بالشروق.
إنهم راقدون في غاري ولم تزل أحلامهم ترتوي من نشيدي في نصف الليل، فليست آذانهم بالآذان المرهفة لسماع أقوالي.
وكان زارا ذاهبا في نجواه والشمس تصعد في الأفق فإذا به يسمع صرخة نسره على الذرى فقال: لقد انتبه معي نسري وأفعواني للتسبيح أمام الشمس في شروقها، فالنسر يقبض بمخلبه على النور الجديد، إنني أحب الحيوان الصادق ولكن أين رجالي الصادقون؟!
وفي ذلك الحين أحس زارا كأن زرافات من الطيور تدور به، واشتد حفيف الأجنحة حول رأسه حتى اضطر إلى إغماض عينيه، فإذا به يشعر بوقع سهام عليه كأنها مفوقة من قوس عدو جديد، وما كانت تلك الوخزات إلا مداعبة طغمات الحب للحبيب الجديد.
فقال زارا في نفسه وقد استولت الحيرة عليه: ما ألم بي يا ترى؟
وقعد باحتراس على الحجر الكبير أمام باب غاره، وبدأ يلوح بيديه ليرد عنه الطيور المتدافعة بحنانها إليه، ولكنه شعر بأن راحتيه تغوران في لبدة وسمع من ملمس يديه زئير أسد، زئيرا ملؤه اللطف والحنان.
فصاح زارا: لقد جاء الإنذار.
وأحس بقوة تبدل من قلبه، ففتح عينيه فإذا بوحش ضخم أصفر اللون ممدد عند قدميه، وقد أسند رأسه على ركبتيه كأنه كلب وجد صاحبه القديم فلازمه لا يريد عنه انفكاكا.
وكانت أسراب الحمام لا تزال تتطاير حول زارا، وإذا أصاب جناح أحدها أنف الأسد كان الأسد يهز رأسه مندهشا ويستغرق في ضحكه.
Shafi da ba'a sani ba