297

Hakadha Takallam Zaradusht

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

Nau'ikan

ابتعدوا كيلا يقال عنكم أيضا إن الحكيم مجنون.

إذا كنتم أحسستم بفرح فقد أحسستم أيضا بجميع الأتراح، فجميع الأشياء متسلسلة متداخلة متعاشقة.

أفما اشتهيتم أن تعود المرة مرتين فهتفتم ارتياحا للذة لحين من الدهر ولطرفة عين؟ إنكم بهذا التمني وددتم لو تعود الأشياء جميعها متسلسلة متداخلة متعاشقة، وهكذا أحببتم العالم، أيها الخالدون، فكان حبكم أبديا لا نهاية له. قلتم للآلام أن تنقضي ولكنكم دعوتموها لتعود؛ لأن كل لذة تطلب الخلود.

11

إن اللذات تطلب الخلود لكل شيء، فتريد عسلا وخميرا وساعة ثاملة في نصف الليل، تريد قبورا وتريد الدموع تنسكب مؤاسية على القبور والشمس الجانحة بنورها الذهبي إلى الغروب.

وأي شيء لا تتشوق اللذة إليه؟! فهي أشد ظمأ وجوعا من الألم وفيها ما ليس فيه من روعة وأسرار، فاللذة تطلب ذاتها وتنهش ذاتها، فهي إرادة تناضل في حلقة مفرغة، تريد حبا وتريد بغضا، تتمتع بالسعة فتجود وتقذف بما تبذل، تتسول تسولا لتهب نفسها وتشكر من يأخذها، فهي تشتهي أن تقابل بالبغضاء.

اللذة المتمتعة تشتهي الأوجاع والاحتراق في الجحيم والعار وكل ما عراه التشويه، فهي تلتهب بظمأ الحياة، وما خفيت عنكم الحياة في هذا العالم.

إن اللذة الثائرة السعيدة تشتاقكم أيها الراقون، وتحن إلى آلامكم أيها الفاشلون؛ لأن اللذة الأبدية تتشوق أبدا إلى كل محاولة فاشلة، فهي تطلب ذاتها إذ تطلب الألم.

انحطم أيها القلب فأنت اللذة وأنت الألم.

تعلموا هذا أيها الراقون: إن اللذة تطلب الخلود.

Shafi da ba'a sani ba