Hakadha Takallam Zaradusht
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Nau'ikan
وما تحفز زارا للسير حتى قهقه العراف ضاحكا وقال: أي زارا، ما أنت إلا مراوغ محتال، إنك تقصد التخلص مني فتفضل مطاردة الوحوش، ولكن هربك لن يجديك شيئا فلسوف تجدني محتلا غارك عند رجوعك، ستراني متربعا فيه كحزمة حطب ثقيلة.
فقال زارا وهو سائر نحو الغاب: ليكن ما تريد إن كل ما في غاري هو لك أيضا لأنك ضيفي، وإذا ما وجدت فيه شيئا من العسل فلك أن تلحسه لتخفف ما في نفسك من المرارة أيها الدب المزمجر؛ لأننا سنفرح ونطرب سوية هذا المساء لانقضاء هذا اليوم فتشترك معي بالغناء والرقص دبا مثقفا.
أراك تهز رأسك كأنك لا تصدق ما أقول، فاذهب في سبيلك إذن أيها الدب الهرم، ولكن اعلم أنني عراف أنا أيضا.
هكذا تكلم زارا ...
محادثة مع الملكين
1
وما مضت ساعة على سير زارا وتوغله في جباله وأحراشه حتى اعترضت طريقه قافلة غريبة، فرأى ملكين كل منهما متوج وممنطق بالأرجوان، يسوقان أمامهما حمارا محملا، فقال زارا في نفسه: ماذا يطلب هذان الملكان في أراضي، وأسرع إلى الاختفاء وراء عوسجة حتى إذا اقتربت القافلة من مكمنه تمتم بصوت خافت: يا للغرابة! إنني أرى ملكين ولا أرى غير حمار واحد.
وتوقف الملكان وهما يبتسمان ويلتفتان إلى مصدر الصوت الخافت، فقال ملك الميمنة: إن مثل هذه الأفكار تمر في الخاطر عندنا ولكن لا يعبر أحد عنها.
فهز ملك الميسرة كتفيه وقال: لعل المتكلم راع أو ناسك عاش طويلا بين الصخور والأشجار فالابتعاد عن المجتمع مفسد للأخلاق المهذبة.
فقال الملك الآخر - وقد ظهرت عليه إمارات الكدر: الأخلاق المهذبة! وهل غادرنا مجتمعنا إلا هربا من أخلاقه المهذبة؟ لخير لنا أن نعيش بين النساك والرعاة من أن نعيش بين قومنا وقد اتشحوا المذهبات واستعادوا من الطلاء ملامحهم الكاذبات، ما تجدي الأنساب العريقة إذا كان من يباهون بها قد تهرءوا وغدا أفسد ما فيهم دمهم لما عاث فيه من أمراض قديمة، ولما أدخله عليه الأساة الجاهلون.
Shafi da ba'a sani ba