قال: «إني على استعداد للذهاب إلى السند في خدمتك.»
قال: «لا ... بل إلى الشام، إلى خالد بن يزيد، فهل تقبل؟»
قال: «أفعل إن شاء الله، أين الرسالة؟»
قال: «أكتبها إليه الآن وهي خاصة بالمهمة التي جئت لأجلها.»
قال: «اكتب وأنا بين يديك.»
فأخرج حسن من جيبه منديلا من القباطي (نسيج مصري) وكان قد أعد دواة وقلما في جيبه لمثل هذه الغاية. وجلس على حجر بجانب إحدى عضادات المسجد فكتب أسطرا قال فيها:
إلى خالد بن يزيد من حسن، أما بعد فقد جئت البيت الحرام بعد أن مررت بالمدينة وأضعت فيها كتابك، ولهذا حديث سأقصه عليك عند اللقاء، على أني واصلت السفر إلى مكة ولقيت ابن الزبير وأبلغته الأمر خلال اشتغاله بالحصار وضيق ما حوله، فأجاب بالرضاء. ولكنه رأى أن تبعث إليه بكتاب آخر في هذا الشأن، فإذا شئت فافعل، وابعث الكتاب مع حامل هذا إليك، وأنا باق هنا لأمر يهمني كثيرا، والسلام عليكم ورحمة الله.
ثم سلم الكتاب إلى أبي سليمان وقال له: «امض على عجل، واحذر أن يعترضك الحراس حول مكة.»
قال: «لقد دخلت ولم ينالوا مني مأربا، وسأترك بلالا في خدمتك لعلك تحتاج إليه في شيء.»
فأثنى عليه وودعه، وعاد إلى ما كان فيه من الاهتمام بأمر سمية، فرأى أن يذهب إلى معسكر الحجاج يبحث عنها ويستطلع خبرها. وكان كلما فكر في الأمر، وتصور أنها زفت إلى الحجاج اضطرب وثارت أشجانه واشتد قلقه ، حتى لم يعد يستطيع صبرا، فعزم على الذهاب إلى معسكر الحجاج بحجة أنه مندوب من قبل ابن الزبير للمخابرة في شأن وقف الحرب، ولكنه لم ير بدا من استشارة ابن صفوان لئلا يغضب ابن الزبير، فنهض لساعته وأسرع إلى بيت ابن صفوان فلم يجده، فالتمسه في دار ابن الزبير، فلم يجد أحدا في القاعة التي كان الاجتماع فيها بالأمس، وبينما هو مار بالقرب من مرابط الخيل والجمال وبينها الخدم والجمالة وقع نظره على رجل كان في خدمة ليلى الأخيلية، فتوسم فيه الخير وناداه وقال له: «ما الذي جاء بك إلى هذا المكان؟»
Shafi da ba'a sani ba