وسار بلال، واتجه حسن إلى ذلك الحائط، وهو من آثار بناء قديم هناك، وترجل وعقل جمله وراء الحائط ثم اتكأ بجانبه بحيث لا يراه أحد من المارة. ولبث مدة وقد طاب له الاتكاء لعظم ما قاساه من الجهد في أثناء ركوبه الطويل من المدينة إلى مكة فأحس براحة، ولكنه ما لبث أن رأى الشمس تغرب والظلال تتقلص وبلال لم يرجع. فلما آن العشاء استبطأه وحسب لتأخره ألف حساب، ثم وقف وتسلق الحائط وجعل ينظر إلى الأفق لعله يراه قادما.
وفيما هو في ذلك سمع سعال بلال، فالتفت فرآه قادما يعدو عدو الغزال والأرض رملية لا يسمع وقع الخطى عليها، فلما وصل إليه قال: «لا سبيل لنا إلى مكة الليلة؛ لأن رجال الحجاج مضيقون عليها الحصار من كل ناحية حتى لا يدخلها أحد ولا يخرج منها أحد.»
قال حسن: «وما الحيلة؟ لا بد من دخولنا.»
قال: «ليس لنا يا مولاي إلا أن نصبر إلى الغد؛ لأبحث عن سبيل إلى دخولنا.»
فقال : «أنبقى وراء هذا الحائط إلى الغد؟»
قال: «كلا يا مولاي، فقد دبرت وسيلة أظنها تريحك وتسهل عليك الدخول.»
قال: «وما هي؟»
قال: «أتعرف محمدا بن الحنفية؟»
قال حسن: «كيف لا وهو ابن الإمام علي، وأخو الحسن والحسين من أبيهما؟»
قال: «إن له حرمة عند الحجاج وعند ابن الزبير، فإذا وسطناه دخلنا مكة على أهون سبيل.»
Shafi da ba'a sani ba