فتجاهل عرفجة وقال: «وما هي يا بني؟»
قال: «الزواج من سمية ... خطيبتي.»
قال: «هي جاريتك وطوع إرادتك، ولكنك ذاهب إلى مكة كما تقول، فيحسن إرجاء الأمر حتى تعود، ولا سيما أن سمية ليست هنا الآن، وسأخبرها بقدومك متى عادت، ولا أشك أنها ستسر بلقياك، فاذهب الآن في مهمتك، ومتى عدت نعقد قرانكما بإذن الله.»
فعجب حسن لإنكار عرفجة وجود سمية في المنزل، ولكنه التمس له عذرا وشكر الله على أنه رآها خلسة. على أنه كان يتوقع وهو يخاطب عرفجة أن يسمع خطوات سمية أو يلمح طرف ثوبها وهي مارة أو يسمع كلامها، فلم يكن يرى إلا بعض الجواري يخطرن في الدار لقضاء بعض حاجات المنزل.
وسكت كلاهما لحظة وكل يفكر في شأن، وشتان بين الفكرين! ثم عاد عرفجة إلى الكلام فقال: «متى تعتزم المسير إلى مكة يا بني؟»
قال: «في القريب العاجل، وربما خرجت الليلة.»
قال: «وهذا ما أراه، فإن سرعة ذهابك يقرب يوم زواجك فنفرح بك ونتشرف بمصاهرتك.»
فسر حسن بما سمع ولم يفقه ما كان يبدو في عيني عرفجة وفي حركاته من دلائل الخبث والغدر - ولم يكن ذلك سذاجة فيه ولكنه كان سليم القلب صادق النية كبير النفس، يعتقد أن الناس كلهم مثله - هذا إلى أن عرفجة كان مدينا له بإنقاذه من القتل، وقد رحب بمصاهرته أولا وآخرا. وهكذا اقتنع بما سمع منه فقال: «أرى أن أخرج من المدينة الليلة.»
قال: «وهل تعرف الطريق؟ ومن أي باب تخرج؟»
قال: «نعم يا مولاي، إني خارج من الباب المطل على قباء.»
Shafi da ba'a sani ba