Littafin Hajji da Umrah
كتاب الحج والعمرة
Nau'ikan
وأما قول الشوكاني في سيله الجرار عند قول الإمام المهدي: (( وهي لا تكره إلا في أشهر الحج والتشريق لغير المتمتع والقارن ما لفظه، ما كان يحسن من المصنف أن يعتمد على هذه السنة الجاهلية ويذكرها في كتابه هذا...))، انتهى. فحاشا الإمام المهدي وأمثاله من أعلام الهدى من الاعتماد على الجاهلية، فقد نسبهم إلى ما لا يجوز أن ينسب إلى مسلم، وإنما قصدوا أن لا يشتغل بها عن الحج الذي هو الأفضل، وما قصدوا بالكراهة هنا إلا خلاف الأولى. وقد قال الإمام عليه السلام: (( لغير المتمتع والقارن.))، وكفى بهذا خلافا لفعل الجاهلية إذ كانوا يحرمونها على الإطلاق، فأي شبه بين القولين؟ وهذا معلوم وعند الله تجتمع الخصوم. ولعلهم يجيبون عن فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لها في أشهر الحج بأنه لم يكن قد تمكن من الحج. ولم ينفرد أهل المذهب بالقول بكراهتها في أشهر الحج، فقد قال الطبري في كتابه القرى ما لفظه: (( حجة من كره العمرة في أشهر الحج؛ عن سعيد بن المسيب أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى عمر، فشهد عنده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج؛ أخرجه أبو داود. قال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، والإجماع منعقد على جواز ذلك، وحديث النهي إن صح يحمل على وجه الاختيار والاستحباب، إذ الحج أعظم الأمرين فكان أولى بالتقديم، وقد قدمه الله في قوله تعالى: ? وأتموا الحج والعمرة لله ?، ولأن وقته محصور، والعمرة وقتها العمر كله...))، إلى قوله: (( وعن محمد بن سيرين قال: ما أحد من أهل العلم يشك أن عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج. وعن ابن عمر: وسأله رجل عن العمرة في أشهر الحج فقال: هي في غير أشهر الحج أحب إلي؛ أخرجهما سعيد بن منصور.))، انتهى. ولكن الحق لله تعالى أن القول بكراهتها فيها غير قوي، وطريقة العلماء العاملين أن ينظروا في الأدلة، ويرجحوا ما ترجح، ويطرحوا ما لم يصح، من دون تشنيع ولا تبديع ولا سوء ظن بأئمة الدين المجتهدين، وكل إناء بالذي فيه ينضح.
هذا وكفى بالآية الكريمة في شأن العمرة ? وأتموا الحج والعمرة لله ?. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( عليكم بالحج والعمرة فتابعوا بينهما، فإنهما يغسلان الذنوب كما يغسل الماء الدرن عن الثوب، وينفيان الفقر كما تنفي النار خبث الحديد. ))، رواه الإمام زيد بن علي عن آبائه عليهم السلام، وله شواهد. وأخرج الستة إلا أبا داود: (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. )).
Shafi 180