بنفيه :
لا شيء في الوجود يتعذر على صاحب الإرادة القوية والعقل الناضج، وكل شيء يتحقق البلوغ إليه بالتفكير فيه أولا ثم برسم السبيل المؤدي إليه، ثم بتنفيذ ما قرر العقل، فإذا لم يصل الإنسان إلى مراده وحبط في عمله لا يكون هذا دليلا على التعذر، وإنما على خطأ الإنسان أو على الارتباك في تنفيذ ما رسم العقل، أنا أحب الملكة وأريد أن أصل إلى قلبها، وهو موصد في وجهي لأنها تحب دي توسكا، هذا هو كل موضوع البحث، فهل يمكن أن أبلغ إلى غرضي وأحققه؟! إنه لأمر ممكن لأنه لا شيء متعذر، ماذا يجب أن أعمل لأنجح؟! يجب أن أستأصل من نفسها حب دي توسكا ليتسع المجال لي، كيف يمكن هذا والحب والكراهة لا يكونان بإرادة الإنسان المطلقة؟! حيث إن الحب يجيء لاعتقاد المحب بوجود صفات وخلال في شخص من يحب يعجب بها وتجذبه إليه ، فالوصول إلى العكس يقتضي وجود صفات تضاد الأولى؛ تبغضه وتنفره، فإذا ثبت للملكة أن دي توسكا خائن، وأنه لا يحبها، وأنه ينافق ويسلم أسرارها وكتبها إلى خصومها لتكون سلاحا في أيديهم يفضحونها به عند الوقت المناسب، فإنها بدون شك تنفر منه، وينقلب حبها إياه بغضا وكراهة. وكيف أحول قلبها إلى حبي أنا؟! أخدمها بإخلاص لا أدل عليه وإنما أجعلها تحسه وتدركه، وألفت نظرها إلي بأحوال شاذة وسلوك غريب غير عادي ... أنقذها من أخطار أهيئها بنفسي لأنقذها منها فتكون مدينة لي بحياتها وبشرفها، ولا تتردد بعد ذلك في الاستسلام إلى عاطفة الحب، إن قلبي لا يقوى على رؤيتها في خطر ... ولكن ما حيلتي ما دمت لا لأضمن الاختصاص بقلبها إلا بعد إنقاذها من خطر داهم (تدخل الملكة، راكبة فرستها، تستغيث وتصرخ) .
الملكة (لفرستها) :
يا للمعونة! يا للمعونة! يا حارس الغابة ... ويلاه ماذا أصاب الفرس؟!
بنفيه (مختبئا) :
أرى المادة التي حقنت بها الفرس بدأ يظهر مفعولها!
الملكة (تستغيث) :
يا حارس الغابة، يا للمعونة! الفرس جنت، ألا من مغيث رباه! رباه إنها منطلقة إلى النهر!
بنفيه (يدخل) :
لقد آن أن أنقذها فقد بلغت إلى حال الخطر المحقق (يطلق النار على فرس الملكة، فيسقط ويسرع إلى الملكة الواقعة على الأرض)
Shafi da ba'a sani ba