Hafawat Nadira
الهفوات النادرة من المغفلين الملحوظين والسقطات البادرة من المغفلين المحظوظين
Bincike
صالح الأشتر
Mai Buga Littafi
منشورات مجمع اللغة العربية بدمشق
Nau'ikan
Maganar Baka
٣٠٨ - وحدثنا قال: كان في الديوان أيضًا كاتب يعرف بأبي نصر ابن مسعود، فلقي يومًا أبا الحسن ابن البواب علي بن هلال ذا الخط المليح في بعض الممرات، فسلّم عليه وقبل يده، فقال له أبو الحسن الله الله يا سيدي ما أنا وهذا فقال له أبو نصر: لو قبلت الأرض بين يديك لكان قليلًا، قال له: ولم ذاك يا سيدي وما الذي أوجبه واقتضاه؟ قال له: لأنك قد تفردت بأشيا ما في البغداديين كلهم من تفرد بها غيرك: الخط الحسن وإنني لم أر في عمري كاتبًا من طرف عمامته إلى طرف لحيته ذراعان ونصف غيرك، فضحك أبو الحسن منه وجزاه خيرًا، وقال له: أسألك أن تكتم هذه الفضيلة علي ولا تكرمني لأجلها، ولا تبح بها عني فقال: ولم تكتم فضائلك ومناقبك؟ فقال له: أنا أسألك هذا فبعد جهد ما أمسك.
٣٠٩ - وقال: كان أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدان الأهوازي يكتب لأرسلان الجامدار، فأراد يومًا أن يكتب إلى صاحبه كتابًا، فتقدم إلى أبي منصور علي بن إسحق كاتبه بأن يعمل نسخة له، فعملها وأنفذها إليه، فوقع على رأسها "حرحرها" أراد حررها فقال فيه أبو ذر القصري:
استأذنَ الكاتبُ في نسخةٍ ... قد عملتْ كيف يقرّرها
فوقّعَ الصاحبُ في رأسها ... استخر الله وحرحرها
وكان الهنكري المغني يغني له، ومن أصواته عليه:
تجاسرتُ وكاشفت ... كَ لما غلبَ الصّبرُ
وقد يحسنُ في مثل ... كَ أن ينكشفَ السّترُ
فأراد يومًا أن يقترحه عليه، فقال له بالله غنِّ ذاك: "يا مهتوك الستر" فقال له الهنكري: عافاك الله ما أفهم ما تقول.
وكان له صوت على جارية لابن السيلحاني، وهو:
لكِ الخيرُ هل من مصدرٍ تصدرينه ... مريحٍ كما هيّجت لي سبلَ الوردِ
فقال لها يومًا: غني لي يا ستي ذاك: "صوت هيجانك" فغضبت ونهضت، فصاح بها مولاها وردها.
٣١٠ - وقال: كان علي بن خلف النيرماني ينشد دائمًا:
فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... ولكنَّ أخلاقَ الرجالِ تضيقُ
فقال له أحد الكتاب يومًا: يا سيدي تعرف قول الشاعر:
لعمركَ ما ضاقت بلادٌ بأهلها
فقال: نعم قال: فما تمامه؟ قال:
ولكنَّ عظمَ السّاقِ منكِ دقيقُ
فقال له صدقت. هذه رواية يعقوب في إصلاح المنطق قال: نعم أخذنا ذلك عن الشيوخ الكبار
٣١١ - وأنشد عبد الله بن فضلويه عامل قزوين في مجلس العمل:
يومُ القيامةِ داءٌ لا دواءَ له ... إلاّ الطّلاءُ وإلاّ الطّيبُ والطّربُ
فقال له أحد من كان بين يديه: إنما هو أعزك الله: يوم الحجامة فقال له: أتيت بنادرة باردة، الحجامة والقيامة واحد!
٣١٢ - وحدث فضل الزبيدي قال: كان محمد بن نصر بن بسام الكاتب أسرى الناس منزلًا وآلة وطعامًا وعبيدا، وكان قليل الأدب، وكنت أختلف إلى ولده عبد الله بن إسحق بن إبراهيم، ليقرأوا علي الأشعار، وكان عبد الله أيضًا سريًا جاهلًا، فدخلت يومًا والستارة مضروبة وهما يشربان، وأولادهما بين أيديهما وقد تأدبوا وفهموا وظرفوا وعرفوا، فغنى قول جرير:
ألا حيِّ الديارَ بسعدَ إني ... أحبُّ لحبِّ فاطمة الديارا
فقال عبد الله بن إسحق لمحمد بن نصر: ولا جهل العرب ما كان معنى ذكر السعد ها هنا، فقال له محمد: لا تفعل يا أخي فإنه يقوي معدهم ويصلح أسنانهم؟ قال اليزيدي: فقال لي علي بن محمد بن بسام: يا أستاذ بالله اصفعهما وابدأ بأبي.
٣١٣ - وكان أبو العباس سهل بن بشر ممن ارتفعت في الدولة الديلمية رتبته، وعلمت درجته ومنزلته، وضمن واسط والأهواز، على حماقة متمكنة ورقاعة متبينة، وكان دأبه تغليظ الكتاب والرد عليهم وتغيير كتبهم التي ينشؤنها عنه وعكس حسباناتهم التي يرفعونها إليه ويعرضونها عليه بالمحال والفاسد المستحيل الباطل، ولقد قال يومًا لأحدهم: ويلك لم يجب أن تفصل في هذا الموضع هذا التفصيل الواسع! كان يجب أن يكون بقدر ما تسلكه نملة وقد جعلته بحيث تسلكه حية، أيش حية بل شاة، أيش شاة بل دابة، أيش دابة بل جمل، أيش جمل بل فيل، أيش فيل بل كركدن! ثم خرق الكتاب ورمى به.
1 / 78