فايد عامر عمرو
الابن الثالث لعامر وعفت، ولد ونشأ كأخويه في بيت بين الجناين، وكان كثير الشبه بجدته فريدة حسام في بياض البشرة وجمال العينين، ورشاقة القد. وقد رضع غير قليل من تراث راضية وعمرو والحي العتيق، ولكنه تشبع بتقاليد جدته فريدة وجده عبد العظيم باشا داود. ومنذ صباه عشق القانون والمجد القضائي، كما عشق الثقافة الحديثة، ثقافة السينما والراديو ثم التلفزيون، ورغم حبه لجديه عمرو وعبد العظيم فلم يكترث لا للوفد ولا للأحزاب الأخرى، ولما تخرج في الكلية كان من المتفوقين، وبفضل تفوقه ومنزلة عبد العظيم باشا تعين من فوره في النيابة. ولعله الوحيد من أبناء عفت وعامر الذي لم يكدر صفوهما بسلوكه أو فكره مثل أخويه شاكر وقدري، ولما أعلن ذات يوم أنه يحب بنتا تدعى ماجدة العرشي طالبة بكلية الحقوق اضطربت عفت لمرارة التجارب الماضية، ولكنها سعدت عندما توكدت من أن البنت كريمة لطبيب وحفيدة لطبيب أيضا، وأن الأسرة على مستوى طيب جدا ومناسب جدا. وقالت عفت لعامر: أول زيجة تبل الريق!
وتزوج فايد ودخل في شقة بمصر الجديدة. ولما قامت الثورة لم ينفر منها رغم إهدارها لرتب جده وخاله، بل ربما مال إليها ولم يخف ذلك عن أمه وأبيه ... قال: جاءت في وقتها تماما.
وترقى فايد في درجاته المعهودة حتى درجة المستشار، ولم يتغير موقفه من الثورة وزعيمها، حتى محنة 5 يونيو لم تغيره وإن مزقت قلبه تمزيقا. أما السادات فقد أيده في حربه وفتحه صفحة الديموقراطية من جديد، وشك كثيرا في خطوة السلام، ثم لعنه بسبب الانفتاح والنكسة الديموقراطية، ومع أنه لم يوافق على الاغتيال إلا أنه لم يحزن عليه، واعتقد أنه نال ما يستحقه تماما. ولم ينجب فايد سوى بنت وحيدة، وقد تخصصت في الكيمياء، ودعتها عفت باسم أمها فريدة.
فرجة الصياد
عرفتها الغورية في الرابعة عشرة؛ قوية الجسم، مليحة الوجه، تجول في جلباب أزرق، وعلى رأسها مقطف فيه سمك وميزان. اضطرت إلى الخروج من مسكنها في السكرية بعد وفاة أبيها وعجز أمها عن الحركة، ورعتها تقاليد الجيرة والتقى. وذات يوم ناداها رجل قوي ذو لهجة غير قاهرية ليبتاع سمكا فأنزلت المقطف إلى الأرض وقرفصت وراءه وراحت تزن له رطلا. ونظر إليها مليا ثم قال: أنت حلوة يا شابة.
فقالت له بخشونة: تريد السمك أم الميزان يحطم وجهك؟
فشخر الرجل بعفوية فانتصبت واقفة مستعدية أهل المروءة. وانقض على الرجل الغريب رجال وتحرج الموقف، ولكن برز من الجمع رجل يعرفونه هو عطا المراكيبي وهتف: صلوا على النبي.
وضحك قائلا: إنه إسكندري، جاري في بيتي، لا يعرف عادات البلد، والشخر عندهم كالتنفس عندنا.
وأنقذ جاره ومضى به إلى دكانه.
Shafi da ba'a sani ba