177

Hadisi Isa dan Hisham

حديث عيسى بن هشام

Nau'ikan

شربت الخمر حتى خلت أني

أبو قابوس أو عبد المدان

وسمعنا في الخارج عزف الموسيقى تتقدم العروس لزفافه عند دخوله الحرم، فسكت المغنون وضج المكان واضطرب الحاضرون، ووقف الجالسون، وصعد بعضهم فوق الكراسي يتطاولون لمشاهدة العروس وهو في زمرة من إخوانه وأترابه يخطر بينهم، ويرفل حتى إذا توسطوا ساحة الدار وقفوا به وقفة، فقام أحد الحاضرين فصعد على منصة المغنين صعود الخطيب على المنبر، فشخصت نحوه الأبصار ومالت إليه الأسماع، وإذا هو يخطب بخطبة هذه نسختها:

أيها الحاضرون والغائبون، هذه ليلة قامت فيها أعواد السرور، على منابر الحبور، وأشرقت فيها أهلة المسرة والبدور من سماء القلوب وأرض الصدور، وطلعت فيها كواكب السعود من أفق العيون، فانجلت عن بصائرنا غمائم الأحزان ووبل الشجون، ولو أني لست من فرسان هذا الميدان، الراكبين لحيازة قصب الرهان، ولا من المجردين لسيوف الخطب وخطب السيوف، بحروف الرماح، ورماح الحروف، ولا من الممتطين في شروح البلاغة متون الضوامر، ولا من السابحين في بحور النظم والنثر على كل كامل ووافر، ولا من الساحبين في حلة سحبان، ولا من المتدرعين في حصون المعاني والبيان، وقد حيل بين العير والنزوان، إلا أن ما أعرفه في هذا العروس من العلم والإقدام، وما له في مستعمرات التربية من وطأة الاحتلال ورسوخ الأقدام، وما أعتقده فيه من محبة الأوطان ومصادقة الإخوان، كما أن ما أعلمه وأتحققه في العروس التي تزف إليه هذه الليلة، من علمها بتدبير المنزل وفروض العيلة، وما هو مشهور عنها لدى كل قاص ودان ، مما يوجب حسن القبول والامتنان، وما شهد لها به معلمو المكاتب ومدرسو المدارس، بأنها أنس المحافل وبهجة المجالس، وما أراه على وجوه الحاضرين من الكرم والسماح، وأتوسمه في جباههم من الفرح والانشراح، كل ذلك هو الذي جرأني على الوقوف في هذا الموقف الحرج، وسط بحر هذا العرس المتموج، وإني أتوجه إليكم بوجهي لتضربوا عن تقصيري صفحا، وأتقدم لكم بنفسي لتطووا عن هفواتها كشحا، وأطلب منكم أن تشربوا معي نخب الكئوس، في نخب العروس، وتقولوا معي: فليحي هذا الشاب في هناء وسرور، ورخاء وحبور، ممتعا بنشأة الرفاء والبنين، وناشئة الأولاد الناجحين، ما ناح القمري في رياض البساتين، وصاح الأخدري

8

بين الأعشاب، آمين آمين.

ثم نزل الخطيب فقابلته الأكف بالتصفيق والأفواه بالتهليل، والصدور بالتبجيل وصدحت له الموسيقى ثلاثا بالسلام، ثم أعقبه على المنبر شاعر من المشهورين بين الخاص والعام، فأنشد هذه القصيدة النادرة والمدحة الباهرة:

بأوقات الهناء الصافيات

تجلى الأنس من كل الجهات

لقد قام البشير بها ينادي

Shafi da ba'a sani ba