أما ضعف الإرادة فهو عذاب بين يدي الغواية لا يخلص منه الضعيف إلا بمقارفة الشيء الممنوع، فينتهي بذلك عذاب الفتنة والإغراء والمصابرة والامتناع.
فإذا وضع بين يدي الضعيف قدح من الماء القراح وقيل له: لا تشرب منه، شرب منه وهو غير ظمآن.
لأنه يريد أن يمتنع فتنازعه الرغبة، ويريد أن يكبح الرغبة فيعذبه الكبح، ويريد أن يحتمل العذاب فيعييه الاحتمال. فهو ضعيف مع الرغبة، ضعيف مع الكبح، ضعيف مع العذاب، ضعيف مع هذا التردد كله لا يريحه منه إلا أن يفعل ما نهي عنه، ويفض المشكلة بهذه النهاية.
فهو يشرب الماء القراح لأنه يفض مشكلة الامتناع عنه، لا لأنه ظمآن إلى الماء القراح.
والشيطان حين قال لآدم وحواء:
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين [الأعراف: 20]، قد ألهب في حواء كل علة من علل المخالفة والولع بالممنوع، وسول لها الغواية والإغراء.
فأكلت وزينت لآدم أن يأكل مثلها.
فتمت بذلك صفات الضعف كلها؛ لأن الإغراء علامة المشيئة التي تصل إلى بغيتها من طريق التحسين وإثارة الشهوة في غيرها، لا من طريق الأمر والإخضاع أو من طريق الغلبة بالشهوة الطاغية على شهوة أخرى.
وكأنما لسان الحال الذي تنطق به المرأة في هذا المقام: إنك أيها الرجل تخضعني وأنا أغريك! أنت تخضعني بسلطانك، وأنا أخضعك بما أتيح لك من «شهوة النظر وبهجة العيون». •••
فهذه الشجرة ...
Shafi da ba'a sani ba