لأن المرأة يجرح كبرياءها أن ترى رجلا يستكثر المال في سبيل مرضاتها، ومتى جرحت المرأة في كبريائها أقبلت باهتمامها وحيلتها وغوايتها من حيث أصابها ذلك الجرح المثير، وليس أقرب من تحول الاهتمام إلى التعلق في طبائع النساء.
فالنزعة الواحدة قد تكون سبيلا إلى النقيضين في ظاهر الأعمال ولكنهما نقيضان لا يلبثان أن يتفقا ويتوحدا عند المنبع الأصيل، متى عرفنا كيف تنتهي الردة إليه.
وكلما ذكرنا نقائص المرأة وجب ألا ننسى مصدرا آخر للتناقض في أخلاق النساء يفسر لنا كثيرا من نقائضهن حيثما توقعنا شيئا من المرأة وأسفرت التجربة عن سواه.
ذلك المصدر هو درجات الأنوثة وأطوارها بين الظهور والضمور.
فللأنوثة صفات كثيرة لا تجتمع في كل امرأة ولا تتوزع على نحو واحد في جميع النساء.
فليست كل امرأة أنثى من فرع رأسها إلى أخمص قدمها، أو أنثى مائة في المائة كما يقول الأوروبيون، بل ربما كانت فيها نوازع الأنوثة ونوازع غيرها إلى الذكورة، وربما كانت أنوثتها رهنا بقوة الرجل الذي يظهرها فلا تتشابه مع جميع الرجال، وربما كانت في بعض عوارضها الشهرية وما شابهها من عوارض الحمل والولادة أقرب إلى الأنوثة الغالبة أو أقرب إلى الذكورة الغالبة. وقد كانوا فيما مضى يحسبون هذا التراوح بين الذكورة والأنوثة ضربا من كلام المجاز، فأصبح اليوم حقيقة علمية من حقائق الخلايا وفصلا مدروسا من فصول علم الأجنة ووظائف الأعضاء.
وليس التناقض لهذا السبب مقصورا على النساء دون الرجال.
فإن الرجل أيضا يصدق عليه ما يصدق على المرأة من تفاوت درجات الرجولة؛ إذ ليس كل رجل ذكرا من فرع رأسه إلى أخمص قدمه، أو ذكرا مائة في المائة كما يقال في اصطلاح الأوروبيين، ولكن التناقض لهذا السبب يبدو في المرأة أغرب وأكثر لامتزاجه بأسباب التناقض الأخرى ومحاولة الرجل أن يفهمها على استقامة المنطق كدأبه في تفهم جميع الأمور.
ولا ريب أن «الشخصية الإنسانية» في حالي الذكورة والأنوثة عرضة لكثير من النقائض المحيرة للعقول: عقول الرجال وعقول النساء.
وكم يقول النساء عن تناقض الرجال ولا يخطئن المقال! كم يقلن إن الرجل «كالبحر المالح» لا يعرف له صفاء من هياج! وكم يقلن إن فلانا كشهر أمشير لا تدري متى تهب فيه الأعاصير! وكم تقول إحداهن للأخرى: حبيبك في ليلك عقرب في ذيلك! وكم لهن من أمثال هذه الأمثال مما لا يحفل به الرجال!
Shafi da ba'a sani ba