Hadatha: Gabatarwa Ta Gajere
الحداثة: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
هذا البحث عن تناغم مجرد للخطوط من أجل إيقاع متناغم قد تم الوصول به إلى حدود بعيدة غالبا ما تحرم الشكل من كل لمحات الطبيعة. إن التأثير العام للوحات ماتيس هو تأثير أقرب للعودة إلى الفن البدائي، بل ربما عودة إلى الفن البربري ... إن الفن البدائي، مثل فن الأطفال، لا يقوم على محاولة لتجسيد ما تدركه العين بقدر ما يقوم على محاولة لوضع خط حول تصور ذهني للشيء.
كان كلا المنهجين بمنزلة ضربة قاصمة لاستقلالية العمل الفني؛ بسبب الطريقة التي نرغم بها على التفكير في العمل في إطاره الفردي الخاص، وليس كمجرد مرآة للواقع؛ فاللون بمجرد أن ينفصل عن التجسيد المحلي يمكن «تنسيقه»، كما يذهب ماتيس، لخلق تأثير موسيقي:
لا بد أن ينتج عن العلاقة التي وجدتها في جميع الدرجات اللونية تناغم حي بين الألوان؛ تناغم مماثل لتناغم مقطوعة موسيقية.
واجه روجر فراي الجمهور المحافظ بشأن هذه القضايا، وحاول توضيح مميزات الفن الجديد في المعرض الثاني لفن ما بعد الانطباعية عام 1912، من خلال إدخال مفردات نقدية جديدة:
لا يبحث هؤلاء الفنانون الآن عن إعطاء ما يمكن، في النهاية، ألا يكون سوى صورة منعكسة باهتة للمظهر الفعلي، ولكن يبحثون عن إيقاظ القناعة بحقيقة جديدة وقاطعة. إنهم لا يسعون لتقليد الشكل، وإنما يسعون لخلق شكل. لا يسعون لمحاكاة الحياة، بل لإيجاد مكافئ للحياة. أعني بذلك أنهم يتمنون خلق صور من شأنها، من خلال وضوح بنيتها المنطقية ووحدة تركيبها المحبوكة بدقة، أن تروق لخيالنا الفاتر والمتأمل بشيء بنفس الإشراق والوضوح مثلما تروق الأشياء في الحياة الواقعية لأنشطتنا العملية. في الواقع، هم لا يستهدفون الخيال، بل يستهدفون الواقع.
إن هذا يؤكد على تأملنا للعمل الفني في حد ذاته، وهو أمر في غاية الأهمية؛ فنحن نستشعر «تلك الوحدة الزخرفية للتصميم التي تميز جميع فناني هذه المدرسة». وماتيس، على وجه الخصوص، إنما «يستهدف إقناعنا بأشكاله من خلال استمرارية وتدفق خطه الإيقاعي، ومن خلال منطق علاقاته المكانية، وفوق كل ذلك من خلال استخدام جديد تماما للألوان».
شكل 2-1: هنري ماتيس، لوحة «المحادثة» (1909-1912). تجريد بالغ التعقيد في الرسم بدا في الأساس مجرد نوع من السخف والصبيانية.
ويمكننا أن نرى بعضا من هذا في لوحة رائعة؛ هي «المحادثة» التي يعود تاريخها لعام 1909-1912، والتي عرضت في المعرض الثاني لفن ما بعد الانطباعية في لندن في عام 1912 (والمستنسخة في الشكل
2-1 ). التناغمات اللونية في هذه اللوحة، بالأزرق وبالأحمر والأخضر، مذهلة للغاية. وهناك تباين عاطفي قوي بين الألوان المستخدمة للغرفة والحديقة، فتجد أزرق باردا وأسود بداخله، وأخضر دافئا وأحمر من الخارج. والأشكال المستخدمة للشجر وحوض الزهور تحاكي أشكال الزوجين اللذين يتحادثان، ولكنها لوحة بالكاد معبرة؛ فأشكال ماتيس وزوجته أميلي تقليدية جدا وجامدة؛ فهي مبنية على مسلة ل «حمورابي» تقع أمام الآلهة الجالسة شاماش، والتي كان ماتيس قد شاهدها في متحف اللوفر. فتبدو أميلي وكأنها تعطي أوامر، وإجابتها قد تكون هي «لا» التي نستطيع رؤيتها في الأشغال الحديدية الموجودة في الشرفة. ولكن تبسيط الأشكال، والإحساس بوجود توازن متعمد، وافتقاد الاهتمام بالتفاصيل المكانية هو ما يبرر ادعاء هذه اللوحة بانتمائها للتجريد الذي وصفه فراي وزملاؤه. وكما يوضح، فإن:
الحد المنطقي لمثل هذا المنهج سيكمن بلا شك في محاولة التخلي عن كل تشابه مع أشكال الطبيعة، وخلق لغة مجردة على نحو بحت للشكل؛ أي موسيقى مرئية. وأعمال بيكاسو الأخيرة تظهر ذلك بوضوح كاف.
Shafi da ba'a sani ba