ولا تزال الجبال الواقعة في شبه جزيرة كاتهياوار ملجأ لشعوب متوحشة، على حين ترى هندوسا من أتباع المذهب الجيني يسكنون مدنها وشواطئها، وهذا المذهب المشابه للبدهية هو أكثر مذاهب الهند حبا لإقامة المعابد للآلهة، فتبصر شبه الجزيرة تلك حافلة بنماذج رائعة لفن البناء الهندوسي، فتشاهد فوق جبل شترونجيا الواقع في القسم الجنوبي الشرقي مدينة مؤلفة من معابد للعبادة لا من منازل للإقامة، فإذا قضى المؤمنون مناسكهم تحت قبابها الجبلية وبين أعمدتها المزينة بأنواع النقوش اللطيفة نزلوا إلى مدينة بالي تانا الواقعة في سفح ذلك الجبل المقدس.
وأكثر الناس في الكجرات من أتباع طريقة وشنوية ذات طقوس عجيبة، فتقوم هذه الطريقة على تقديس هؤلاء المؤمنين لثلاثين كاهنا كبيرا يدعون بالمهاراجوات تقديسا مطلقا مع قيامهم بأمور معايشهم، فعلى الكاتب الهندوسي وناشر صحيفة «الإيندين سبكتتر» السيد ملباري أحيل القارئ ليعلم طراز حياة هؤلاء الكهنة وسذاجة مريديهم، قال السيد ملباري:
إن المهاراجة هو الكاهن الذي يؤله، أي الذي يتجسد فيه وشنوكرشنا فيقف عليه كل وشنوي تقي جسمه وروحه وملكه وأهله وتوابعه.
شكل 2-9: أناس من المينا «قبييلة شبه متوحشة في راجبوتانا».
وإليك بعض ما يجبيه المهاراجة من عباده الأتقياء: خمس روبيات «نحو عشرة فرنكات» للتشرف برؤيته، و20 روبية للمسه، و35 روبية لغسل رجليه، و60 روبية للجلوس بجانبه، و50-500 روبية للثواء بغرفته، و13 روبية ليتفضل فيضربه بسوطه، 19 روبية لشربه من غسالته أو غسالة ثيابه القذرة، و100-200 روبية من النساء اللائي يقضين معه روح اللذة.
وأبدى ذلك الكاتب الهندي حول «قضاء روح اللذة» تعجبه من إغضاء رجال غيارى ونساء محصنات العيون عن أعز المشاعر، وأرى، مع ذلك، أنه ليس في الأمر ما لا يمكن إيضاحه مع وقفه للنظر، فقد ظل الإيمان الديني أقوى العوامل في توجيه النفوس على الدوام، فهذا الإيمان يعلم الإنسان أن يحتمل كل شيء وأن يقتحم كل شيء، وبالإيمان استقبل الشهداء ضاحكين لهب النار وبالإيمان أقام الفاتحون أعظم الدول.
هوامش
الفصل الثالث
عروق الهند الوسطى والهند الجنوبية
لقد سرنا في وصف العروق مع التقسيمات الجغرافية التي أوضحنا أمرها في فصل «البيئات »، فذكرنا صفات شعوب الهندوستان الأساسية فانتهينا إلى شعوب الدكن الواسع الشامل للمنطقة الممتدة من نهر نربدا ونهر سون إلى رأس كماري.
Shafi da ba'a sani ba