وتجمعت بالقرب من مصب مهاندي لفافة رمال فاشتملت على بحيرة شلكا التي تصلها قناة بالبحر.
والجفاف أظهر ما يصاب به ساحل أوريسة الذي تجوبه شعاب مهاندي الكثيرة، فكان ما تراه من بؤس سكانه وتوحشهم، فإذا تفلت ساحل أوريسة من هذا الجفاف، أحيانا، فلكي يخربه الفيضان، وساحل أوريسة هذا بلغ من الانخفاض والاستواء ما يغمره به البحر في الغالب فينشأ عنه ما لا يتصوره إنسان من التلف والضرر، وساحل أوريسة هذا أصيب في سنة 1866 بإعصار فخرب قراه وأهلك 1200000 شخص من سكانه، وذلك بعد قحط نجم عن الجفاف فأمات ربعهم.
والجفاف آفة الدكن، والهنود، لكي يدفعوه، يقيمون الأسداد وينشئون الحياض الصالحة لوقف طفاح أمطار الرياح الموسمية المؤدية إلى ضخم الأنهر في بعض أوقات السنة، وذلك كالحواجز التي صنعت في مصاب مهاندي وغوداوري وكرشنا لتحول المياه، عند الفيضان، إلى قنوات الري أو إلى البرك المصنوعة، ويقدس الهندوس تلك الأنهر ويقيمون الشعائر على ضفاف كل واحد منها.
ويقع نهر غوداوري، الذي هو أعظم أنهر الدكن والذي يبلغ طوله 1440 كيلو مترا، تحت نهر مهاندي ثم يليه نهر كرشنا الذي يبلغ طوله 1300 كيلو متر، ثم نهر بنار الذي يبلغ طوله 570 كيلو مترا، ثم نهر كاويري الذي يبلغ طوله 755 كيلو مترا.
شكل 1-6: مضيق صخور الرخام على ضفاف نربدا بالقرب من جبل بور.
ويجري نهر كرشنا في مجرى ضيق فلا يصلح للملاحة، ويفقد مياهه بما يرويه من ضفافه، ولكن أهميته تبدو ما قطع شبه جزيرة الهند من الشرق إلى الغرب، وما فصل منطقتين وفرق بين حضارتين، فليذهب إلى المنطقة الجنوبية منه من يرغب في درس طبائع الشعب الدراويدي ولغته؛ ليبصر أنها أقل فسادا بالعناصر الغريبة مما في أي مكان آخر.
وبلغ كثير من الفاتحين نهر كرشنا مجاوزين جبال وندهيا وجبال نربدا وجبال سات بورا وتوابعها الممتدة إلى مصب نهر الغنج، ولم يعبر الفاتحون كرشنا أو لم يستطيعوا أن يعبروه بكثرة فيختلطوا بالمغلوبين اختلاطا تختلف به سحنات الشعوب الدراويدية القديمة.
وأول ما علمه الغرب عن تلك المنطقة المنقطعة هو ما أتى به التجار الذين قصدوا سواحلها فملئوا الأخيلة بالأقاصيص العجيبة عنها، ولا غرو، فتلك هي بلاد الهند الحقيقية، تلك هي البلاد التي تجمع الشمس حرارة أشعتها في أبازيرها وتوابلها وتجمع أنوارها الوهاجة في حجارتها الكريمة.
شواطئ الهند ومرافئها
ظل الوصول إلى جنوب الهند مقصورا على البحر زمنا طويلا مع صعوبة ذلك، وليس في شواطئ شبه جزيرة الهند الممتدة من مصاب نهر السند إلى مصاب نهر الغنج مكان يسهل بلوغه بحرا أو بقعة صالحة لإنشاء ميناء عليها، ولا نذكر مرافئ بمبي ومدراس وكلكتة البحرية العظيمة ما قامت هذه المرافئ بعزم الإنسان وعمله.
Shafi da ba'a sani ba