شكل 1-4: أودي غيري. نقوش قديمة منحوتة على صخر دالة على موكب صيد ملكي، وذلك في الدير السابق ذي الحجرات المنقورة في منحدر الجبل، «وتلك النقوش هي من أقدم ما تشتمل عليه الهند ومن أهم نماذج الفن الهندوسي.»
وكانت تنشأ قرية على الأرض الجديدة، وكانت المساكن الابتدائية المصنوعة من التراب وسوق الخيزران تؤاوي الأسر إليها على انفصال بعد أن كان بعضها يختلط ببعض في الحقول، ثم ودت كل أسرة أن تنال قطعة من الأرض فبدا مبدأ التقسيم، فلم يبق مشاعا بين الجميع سوى مراعي المواشي.
ولم يسفر إنشاء الآريين للقرية وتقسيمهم للحقول والأنعام عن نشوء زمرة سياسية أو اجتماعية بعد؛ فالأسرة الكبيرة ظلت مدار الوحدة، فكان أرباب الأسرة الشيوخ يجتمعون لتوطيد النظام فيها وتقرير المسائل المهمة من غير أن ينتحلوا سلطانا بالمعنى المعروف، ولم يلبث أن أقيم حصن ثخين مربع الزوايا على مكان مرتفع قريب من القرية مشرف عليها؛ ليقيم به الزعيم المنصور الذي وسع الأرض فنيط به أمر المحافظة عليها.
ولم تجد رابطة بين قرية وقرية، ولم تجد سلطة عالية تفرض سيادتها على الزعماء، فمصادفات الحروب كانت تؤلف بين هؤلاء الزعماء فينقادون، أحيانا، لقائد واحد من غير أن يعني ذلك عده ملكا، فالآريون لم يقولوا بمبدأ الملكية إلا بعد استقرارهم بوادي الغنج، وذلك مع عد الملك قائد حرب فقط كما جاء في الويدا، فلا ترى في العصر الويدي ملكا ذا وزراء يجبي الضرائب بانتظام، ويملك شعبا بأسره.
وإذا وجد للآريين ملك في الهند فبالاسم فقط، فما كانت القرية الآرية في الهند إلا جمهورية صغيرة متماسكة منظمة، وما كان الزعيم المقيم بحصنه والمعروف بالراجه إلا سيدا ذا سلطان، فهذا هو النظام السياسي الذي كتب له الفوز في الهند بتعاقب الأجيال، وهذا هو النظام الثابت الأساس الذي احترمه الفاتحون على الدوام مهما كان جنسهم.
ومن ثم ترى بذور دستور لا يزال باقيا منذ عدة قرون في مجتمع ناقص التكوين، ومن ثم ترى بذور نظام الطوائف الذي نشأ مذبذبا مبهما حين حاولت الطبقات أن تتميز في البداءة فاشتد أمره بعدئذ بفعل المؤثرات الإثنولوجية فأدى إلى حفر هوى بين العروق يتعذر اقتحامها.
ويمكنك أن تبصر في الويدا مسافة ضيقة بين الكهان والمحاربين لم تعتم أن اتسعت لأسباب سندرسها فيما يأتي: لم يقف توزيع الأعمال عند ذلك الحد، فبينما كان المقرب يقضي أوقاته في القيام بالطقوس المقدسة ووضع النشائد، وبينما كان المحارب يقضي أوقاته في الغارات والرياضات العنيفة كان من الصواب أن يسأل: ماذا يكون مصير الحقول وأمر استغلالها إذا لم يوجد من يحرثها؟ فلذلك كان لا بد من ظهور طبقة أخرى: طبقة الزراع.
بدت في إحدى أناشيد الرغ ويدا الأخيرة طبقات ثلاث مختلفة دعيت بالبراهمة والأكشترية والويشية فدلت بعد زمن على طوائف حقيقية ذات مدلولات مطلقة عميقة.
شكل 1-5: بهو ونيشور «أوريسة». نقوش معبد براشورا ميشوار الخارجية «أنشئ في القرن السادس من الميلاد.»
وفي أنشودة أقدم من تلك تقرأ العبارة الآتية ذات المغزى الدالة على تقسيم الطبقات:
Shafi da ba'a sani ba