ووجوه الغوند مستوية، وأنوفهم قصيرة، وشفاههم غليظة، وعيونهم صغيرة أفقية، وشعورهم سود خشنة لامعة مسدلة خصلا وضفائر على جوانب وجوههم، وتتألف ثيابهم من ربط يجعلونها حول كلاهم ومن ربط أخرى يجعلونها حول رءوسهم، وتتألف ثياب نسائهم من نسج ساترة لأوراكهن صاعدة إلى عواتقهن شاملة لأنصافهن الفوقانية، ولا يزال يرى أناس من زمر غوندية متفرقة يقتصرون على نطق من ورق الشجر كما في غابر الأزمان، وفي الغالب تهب ريح الشمال الشرقي على تلك الهضاب بشدة فلا تكفي ثياب الغوند لرد عادية هواء المساء والصباح فيوقدون نيرانا عظيمة ليتدفئوا حولها، ومما يستحي الغوند منه أن يضيفوا شيئا إلى تلك الثياب التقليدية، فالغوند على النقيض منا في النظر إلى عوامل الأدب والحشمة.
وأسلحة الغوند بسيطة جدا، ولا يعرف الكثيرون منهم القوس ولا السهم، وبالفئوس التي يحملونها على الدوام يصمون
25
الصيد، ويصرعون العدو، ويقطعون النبات المعرش الذي يعوق سيرهم في الغاب، ويجندلون ما يطاردونه من الأنمر في عرائنها.
وإذا كان الغوند يزدرون التسربل والتسلح فإنهم يزينون أجسامهم ووجوههم بالحلي الثقيلة وبضروب الوشم الفني، وتحب نساؤهم الأساور والخرصان
26
المصنوعة من الحديد فيثقلن بها ذرعانهن وسيقانهن، ويزوقن خدودهن وأفخاذهن بنقوش وتصاوير، وهن دون رجالهن قبح منظر ويكن على قليل من الملاحة في بعض الأحيان.
ويعرف الغوند فلح الأرض، ولكن بغير إتقان، شأنهم في كل صناعة، فإذا ما اختار الغوند أرضا صالحة قطعوا أشجارها الساترة لها، وأشجار الغاب «السال والمهووا والبانيان» في منطقة الغوند تطغى وتنتشر في كل مكان بالقوة التي تنمو بها أشجار البلاد الحارة، ثم حرقوها في محالها ثم بذروا الحبوب فيها، وفي الغالب يضع الغوند الحبوب أكداسا أكداسا في مكان مرتفع من الحقل تاركين للريح والمطر أمر نثرها عليه، ثم يقيم الغوند بعرش منتظرين وقت الحصاد.
والغوند يستغلون الأرض مرتين أو ثلاث مرات، فإذا فقدت خصبها بحثوا عن أرض أخرى ليحيوها ويزرعوها ناقلين إليها مساكنهم مبدلين أماكن إقامتهم مرة في كل سنتين أو ثلاث سنين.
ولو اقتصرت معايش الغوند على ما تنتجه أراضيهم؛ لوقعوا في بؤس شديد ما دامت آلاتهم الزراعية ناقصة وفنون فلاحتهم ضعيفة، ولكن منطقتهم الغنية تمن عليهم من مصادر العيش الشيء الوافر، فما أكثر ما أنقذوا من المجاعة بفضل ما عندهم من أثمار أشجار المنغة والسال والبانيان والعناب وأزهار المهووا، ومن هذه الأزهار النافعة يستخرج الغوند عصيرا متخمرا يسكرون منه في الأعياد فضلا عن استفادتهم من موادها الغذائية، ويغتذي الغوند أيضا بما في غابهم من الطرائد التي تفرخ بكثرة وبالأسماك التي توجد في مجاريهم بوفرة.
Shafi da ba'a sani ba