Hadaiq Wardiyya

Mahalli d. 652 AH
142

Hadaiq Wardiyya

Nau'ikan

============================================================

لما أثر ذلك في جوده، ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الإفضال مالم ينفده مطالب السؤال، ولا يخطر لكثرته على بال؛ لأنه الجواد الذي لا ينقصه المواهب، ولا يبخله إلحاح الملحين، و{ إنما أمره إذا أراد شيشا أن يقول له كن فيكون (بر: 82)، فما ظتكم بمن هو هكذا؟ سيحانه وبحمده. أيها السآئل اعقل ما سالتني عنه، ولا تسألن أحدا عنه بعدي، فإني اكفيك مؤنة الطلب، وشدة التعمق في المذهب، وكيف يوصف الذي سالتني عنه!؟ وهو الذي عجزت الملآئكة مع قربهم من كرسي كرامته، وطول ولههم اليه، وتعظيم جلال عزته، وقربهم من غيب ملكوت قدرته، آن يعلموا من علمه إلا ما علمهم، وهم من ملكوت القدس بحيث هم، ومن معرفته على ما فطرهم عليه، فقالوا: سبحانك لا علم لنا إلأ ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم (القرة: 220]. فعليك أيها السائل بما دلك عليه القرآن من صفته، وتقدمك فيه الرسل بينك وبين معرفته، فاتم به واستضيء بنور هدايته، فانما هي نعمة وحكمة أوتيتها، فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس عليك في الكتاب فرضه، ولا في سنة رسول الله وه، ولا عن أئمة الهدى أثره فكل علمه إلى الله سبحانه؛ فإنه منتهى حق الله تعالى عليك .

اعلم أيها السائل أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من تفسير الغيب المحجوب، فقالوا: آمنا به كل من عند ربنا} (تل عمراد:7)، فمدح الله سبحانه اعترافهم بالعجز عن تناول مالم يحيطوا به علما، وسمى تركهم التعمق فيمالم يكلفهم البحث عنه منهم رسوخا، فاقتصر على ذلك . واعلم أن الله لم يحدث فيمكن فيه التفير والانتقال، ولم يتصرف في ذاته كرور الأحوال، ولم يختلف عليه عقب الأيام والليالي، وهو الذي خلق الخلق على غير مثال امتثله، ولامقدار احتذى عليه من خالق كان قبله، بل أرانا من ملكوت قدرته، وعجائب (129)

Shafi 142