Grant of the All-Knowing in Explaining the Attainment of the Objective
منحة العلام في شرح بلوغ المرام
Mai Buga Littafi
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
Nau'ikan
موجودة في غير ماء البحر، وهو قصر تعيين؛ لأن السائل كان مترددًا بين جواز الوضوء وعدمه، فعين له الرسول ﵌ الجواز.
قوله: (الحِلُّ ميتته) هكذا بدون واو مع ثبوتها في مصنف ابن أبي شيبة، والمصنف ذكر أن اللفظ له، ولم يرد السؤال عن حكم ميتة البحر، لكن لما عرف النبي ﷺ اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حكم ميتته.
ومعنى (الحل) - بكسر الحاء - مصدر حلَّ يَحِلُّ - من باب ضرب - ضد حَرُمَ؛ أي: الحلال، كما في رواية للدارمي (^١) والدارقطني وأحمد وغيرهم، والمراد بـ (ميتته) - بفتح الميم - ما مات من حيوان البحر بلا ذكاة، كالسمك؛ لا ما مات فيه مطلقًا، فإنه وإن صدق عليه لغة أنه ميتة بحرٍ فمعلوم أنه لا يراد إلا ما ذكر، وسيأتي زيادة بيان عند الكلام على الحديث «الثالث عشر»، إن شاء الله تعالى.
الوجه الرابع: اختصر الحافظ هذا الحديث فلم يذكر إلا الشاهد؛ وإلا فالحديث له سبب، وهو أنه جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: (يا رسول الله: إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به؟ فقال رسول الله ﷺ: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته»).
وإنما توقف الصحابة ﵃ في التطهر بماء البحر؛ لأنه ماء مالح وريحه منتن؛ وما كان هذا شأنه لا يُشرب، فتوهموا أن ما لا يُشرب لا يُتطهر به، وإنما لم يجبهم النبي ﷺ بـ (نعم) حينما قالوا: (أفنتوضأ به؟)، لئلا يصير جواز الوضوء به معتبرًا بحال الضرورة؛ وليس كذلك، ولئلا يُفهم أن الجواز مقصور على الوضوء دون غيره من إزالة الأحداث والأنجاس.
الوجه الخامس: الحديث دليل على أن ماء البحر طهور يرفع الحدث الأصغر والأكبر، ويزيل النجاسة؛ لأنه ماء طاهر باقٍ على خلقته.
الوجه السادس: الحديث دليل على أن المفتي إذا رأى من حال المستفتي أنه بحاجة إلى بيان أمر اخر غير الذي سأل عنه أنه يبينه له، وهذا من محاسن الفتوى (^٢)، وهو دليل على الذكاء وجودة الملاحظة والحرص على نفع الناس بما يحتاجون إليه، والله أعلم.
_________
(^١) "سنن الدارمي" (١/ ١٥١).
(^٢) "عارضة الأحوذي" (١/ ١٥١).
1 / 28