يوسع الناس له، فجاء علي بن الحسين (عليهما السلام) وكان أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، فأوسع الناس له ليستلم (1) الحجر، فقال رجل من أهل الشام من أصحاب هشام: من الذي يهابه الناس (2)؟ فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب الناس فيه، فقال الفرزدق (رحمه الله): لكني أعرفه والله، فقال له الشامي: من هو يا أبا فراس؟
فقال الفرزدق مبتهجا:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والخيف يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش، قال قائلها:
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
ينمي إلى الذروة العلية التي قصرت
عن مثلها عرب الإسلام والعجم
من جده دان فضل الأنبياء له
وفضل أمته دانت له الأمم
ينشق نور الدجى عن نور بهجته
كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
يغضي حياء ويغض من مهابته
فلا يكلم إلا حين يبتسم
في كفه خيزران ريحه عبق
من كف أروع في عرنينه شمم
منشقة من رسول الله نبعته
طابت عناصرها والخيم والشيم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره
يزينه اثنان: حسن الخلق والكرم
كلتا يديه غياث عم نفعهما
يستو كفان ولا يعروهما العدم
عم البرية بالإحسان فانقشعت
عنها الغيابة والإملاق والظلم
Shafi 68