فقد أعلمتك يا بني، مجملًا جميع ما كنت سمعته من مشايخي متفرقًا في هذا الباب. فأقبل الآن على ما قصدتني له، أو دع.
قال: فهالني قوله فسكت متفكرًا، وأطرقت نادمًا، فلما رأى ذلك مني قال: وإن لا تطق احتمال هذه المشاق كلها فعليك بالفقه الذي يمكنك تعلمه وأنت في بيتك، قار ساكن، لا تحتاج إلى بعد الأسفار، ووطء الديار، وركوب البحار، وهو مع ذا ثمرة الحديث. وليس ثواب الفقيه بدون ثواب المحدث في الآخرة، ولا عزه بأقل من عز المحدث.
قال: فلما سمعت ذلك نقض عزمي في طلب الحديث وأقبلت على دراسة الفقه وتعلمه إلى أن صرت فقيهًا متقدمًا فلذلك لم يكن عندي ما أمليه على هذا الصبي، يا أبا إبراهيم.
فقال له أبو إبراهيم: إن هذا الحديث الواحد الذي لا يوجد عند غيرك خيرٌ للصبي من ألف حديثٍ يجده عند غيرك.
١١- القاضي أبو عامر محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم الطليطلي: كان يفهم صنعة الحديث، كثير السماع والجمع، أخذ عن القاضي أبي عبد الله ابن السقاط وأبي المطرف ابن أسد وأبي بكر محمد بن جماهر وأبي الوليد ابن مسلمة وأبي المطرف ابن سلمة، وأجازه جماهر بن عبد الرحمن بن جماهر وأبو الوليد الباجي والعذري وغيرهم؛ وكان
1 / 72