83

Abincin Hankali

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Mai Buga Littafi

مؤسسة قرطبة

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

1414 AH

Inda aka buga

مصر

Nau'ikan

Tariqa
الْعَاشِرَةُ) أَنَّهُ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ سَكْرَةِ الشَّهْوَةِ وَرَقْدَةِ الْغَفْلَةِ، فَإِنَّ إطْلَاقَ الْبَصَرِ يُوجِبُ اسْتِحْكَامَ الْغَفْلَةِ عَنْ اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَيُوقِعُ فِي سَكْرَةِ الْعِشْقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي عُشَّاقِ الصُّوَرِ ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢] فَالنَّظْرَةُ كَأْسٌ مِنْ خَمْرٍ، وَالْعِشْقُ سُكْرُ ذَلِكَ الشَّرَابِ. وَآفَاتُ الْعِشْقِ تَكَادُ تُقَارِبُ الشِّرْكَ، فَإِنَّ الْعِشْقَ يَتَعَبَّدُ الْقَلْبَ الَّذِي هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ لِلْمَعْشُوقِ. وَفَوَائِدُ غَضِّ الْبَصَرِ وَآفَاتِ إطْلَاقِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ. وَقَدْ عَلِمْت الْفَوَائِدَ وَالْآفَاتِ فِي ضِمْنِهَا، فَمَا مِنْ فَائِدَةٍ إلَّا تَرْكُهَا آفَةٌ وَمَفْسَدَةٌ. وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدَ ﵁: الرَّجُلُ يَنْظُرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ؟ قَالَ أَخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةَ، كَمْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَابِلَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: الشَّيْطَانُ مِنْ الرَّجُلِ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي بَصَرِهِ وَقَلْبِهِ وَذَكَرِهِ، وَهُوَ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي بَصَرِهَا وَقَلْبِهَا وَعَجُزِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (الْمَقَامُ الثَّانِي) فِي بَعْضِ عُقُوبَاتِ مَنْ أَطْلَقَ نَظَرَهُ فِي الدُّنْيَا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهَ بِهِ خَيْرًا لِيَزْجُرَهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ بِإِرْسَالِ ذَلِكَ. رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَاءَهُ رَجُلٌ يَتَشَلْشَلُ دَمًا، فَقَالَ لَهُ مَالَكَ؟ قَالَ مَرَّتْ بِي امْرَأَةٌ فَنَظَرَتْ إلَيْهَا فَلَمْ أَزَلْ أُتْبِعُهَا بَصَرِي فَاسْتَقْبَلَنِي جِدَارٌ فَضَرَبَنِي فَصَنَعَ بِي مَا تَرَى، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَتَهُ» . وَرَوَى الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ النَّهْرَجُورِيِّ قَالَ: رَأَيْت فِي الطَّوَافِ رَجُلًا بِفَرْدِ عَيْنٍ وَهُوَ يَقُولُ فِي طَوَافِهِ أَعُوذُ بِك مِنْك، فَقُلْت لَهُ مَا هَذَا الدُّعَاءُ؟ فَقَالَ: إنِّي مُجَاوِرٌ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً فَنَظَرْت إلَى شَخْصٍ يَوْمًا فَاسْتَحْسَنْته فَإِذَا بِلَطْمَةٍ وَقَعَتْ عَلَى عَيْنِي فَسَالَتْ عَلَى خَدِّي فَقُلْت آهٍ فَوَقَعَتْ أُخْرَى وَقَائِلٌ يَقُولُ لَوْ زِدْت لَزِدْنَاك. وَرُوِيَ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ أَبِي الْأَذَانِ قَالَ: كُنْت مَعَ أُسْتَاذِي أَبِي بَكْرٍ الدَّقَّاقِ فَمَرَّ حَدَثٌ فَنَظَرْت إلَيْهِ، فَرَآنِي أُسْتَاذِي

1 / 90