168

Abincin Hankali

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Mai Buga Littafi

مؤسسة قرطبة

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

1414 AH

Inda aka buga

مصر

Nau'ikan

Tariqa
قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالْإِبِلُ تَزِيدُ فِي نَشَاطِهَا وَقُوَّتِهَا بِالْحُدَاءِ، فَتَرْفَعُ آذَانَهَا وَتَلْتَفِتُ يُمْنَاهَا وَيُسْرَاهَا وَتَنْتَحِبُ فِي مَشْيِهَا. وَذَكَرَ أَصْحَابُ الْأَوَائِلِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْحُدَاءَ غُلَامٌ لِمُضَرِ بْنِ نَزَارٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مُضَرَ فَسَمِعَ صَوْتَ حَادٍ يَحْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مِيلُوا بِنَا إلَيْهِ فَقَالَ مِمَّنْ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا مِنْ مُضَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَتَدْرُونَ مَتَى كَانَ الْحُدَاءُ؟ فَقَالُوا بِأَبِينَا وَأُمِّنَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى كَانَ؟ فَقَالَ ﷺ: إنَّ أَبَاكُمْ مُضَرَ خَرَجَ فِي طَلَبِ مَالٍ لَهُ فَوَجَدَ غُلَامَهُ قَدْ تَفَرَّقَتْ عَلَيْهِ إبِلُهُ فَضَرَبَهُ بِالْعَصَا أَيْ عَلَى يَدِهِ، فَأَوْجَعَهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، فَعَدَا الْغُلَامُ فِي الْوَادِي وَهُوَ يَصِيحُ وَايَدَاهُ وَايَدَاهُ، فَسَمِعَتْ الْإِبِلُ صَوْتَهُ فَعَطَفَتْ عَلَيْهِ وَاجْتَمَعَتْ، فَقَالَ مُضَرُ لَوْ اُشْتُقَّ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ مِثْلُ هَذَا لَكَانَ كَلَامًا تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْإِبِلُ، فَاشْتُقَّ الْحُدَاءُ مِنْ ذَلِكَ» . وَكَانَ سَلَّامٌ الْحَادِي مِنْ الْعَرَبِ فِي الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِحُدَائِهِ، فَقَالَ يَوْمًا لِلْمَنْصُورِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُرْ الْجَمَّالِينَ بِأَنْ يُظْمِئُوا الْإِبِلَ ثُمَّ يُورِدُوهَا الْمَاءَ فَإِنِّي آخِذٌ فِي الْحُدَاءِ فَتَرْفَعُ رُءُوسَهَا وَتَتْرُكُ الشُّرْبَ فَفَعَلُوا، فَجَرَى مَا الْتَزَمَ وَحَدَا لَهَا بِقَوْلِهِ: أَلَا يَا بَانَةَ الْوَادِي ... بِشَاطِئِ نَهْرِ بَغْدَادِ شَجَانِي فِيك صِيَاحٌ ... طَرُوبٌ فَوْقَ مَيَّادِ يُذَكِّرُنِي تَرَنُّمُهُ ... تَرَنُّمَ رَنَّةِ الشَّادِي إذَا اسْوَدَّتْ مَثَالِثُهَا ... فَلَا تَذْكُرُ أَخَا الْهَادِي وَإِنْ جَاءَتْ بِنَغْمَتِهَا ... نَسِينَا نَغْمَةَ الْحَادِي أَخَا الْهَادِي: " إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ أَخُو الرَّشِيدِ عَمُّ الْمَأْمُونِ ". قَالَ أَصْحَابُ الْأَوَائِلِ: وَأَوَّلُ مَنْ اشْتَهَرَ بِالْحُدَاءِ فِي الْإِسْلَامِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ الْحَادِي، يُضْرَبُ الْمِثْلُ بِهِ، وَكَانَ يُهْلِكُ الْإِبِلَ بِحُسْنِ صَوْتِهِ. كَانَ يَحْدُو فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَوَرَدَ فِي الْخَبَرِ فِي أَوَائِلِ الْحُدَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ ﵀ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَقِيَ قَوْمًا فِيهِمْ حَادٍ يَحْدُو فَقَالَ: مِمَّنْ الْقَوْمُ؟ قَالُوا مِنْ مُضَرَ فَقَالَ ﷺ

1 / 175