Abincin Hankali
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Mai Buga Littafi
مؤسسة قرطبة
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
1414 AH
Inda aka buga
مصر
Nau'ikan
Tariqa
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ» وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا «تَجِدُونَ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ» وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ «إنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ» .
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَهَذَا لِأَنَّهُ نِفَاقٌ وَخِدَاعٌ وَكَذِبٌ وَتَحَيُّلٌ عَلَى اطِّلَاعِهِ عَلَى أَسْرَارِ الطَّائِفَتَيْنِ، لِأَنَّهُ يَأْتِي كُلَّ طَائِفَةٍ بِمَا يُرْضِيهَا وَيُظْهِرُ أَنَّهُ مَعَهَا، وَهِيَ مُدَاهَنَةٌ مُحَرَّمَةٌ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: قَالَ تَعَالَى ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾ [المنافقون: ٤] أَيْ مَقْطُوعَةٌ مُمَالَةٌ إلَى الْحَائِطِ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا وَلَا هِيَ ثَابِتَةٌ، إنَّمَا كَانُوا يَسْتَنِدُونَ إلَى مَنْ يَنْصُرُهُمْ وَإِلَى مَا يَتَظَاهَرُونَ بِهِ ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ [المنافقون: ٤] لِسُوءِ اعْتِقَادِهِمْ ﴿هُمُ الْعَدُوُّ﴾ [المنافقون: ٤] لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الشَّرِّ بِالْمُخَالَطَةِ وَالْمُدَاخَلَةِ.
وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه: يَا رَبِّ إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ فِي مَا لَيْسَ فِي، فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ يَا مُوسَى لَمْ أَجْعَلْ ذَلِكَ لِنَفْسِي فَكَيْفَ لَك. وَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﵇: لَا يُحْزِنُك قَوْلُ النَّاسِ فِيك، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا كَانَتْ حَسَنَةً لَمْ تَعْمَلْهَا، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا كَانَتْ سَيِّئَةً عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ شِعْرًا:
لِي حِيلَةٌ فِيمَنْ يَنُمُّ ... وَلَيْسَ فِي الْكَذَّابِ حِيلَهْ
مَنْ كَانَ يَخْلُقُ مَا يَقُو ... لُ فَحِيلَتِي فِيهِ قَلِيلَهْ
مَطْلَبٌ: هَلْ يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ مِنْ الْغِيبَةِ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُغْتَابِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِحْلَالِ
(تَنْبِيهٌ): لَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ فِي غَيْرِ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ. انْتَهَى، يَعْنِي سِوَى مَا قَدَّمْنَا، وَهَلْ هُمَا مِنْ الْكَبَائِرِ أَوْ مِنْ الصَّغَائِرِ، الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا مِنْ الْكَبَائِرِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ عَنْ النَّاظِمِ:
وَقَدْ قِيلَ صُغْرَى غِيبَةٌ وَنَمِيمَةٌ ... وَكِلْتَاهُمَا كُبْرَى عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ
فَتَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْهُمَا وَاسْتِحْلَالُ مَنْ اغْتَابَهُ أَوْ بَهَتَهُ أَوْ جَبَهَهُ بِأَنْ وَاجَهَهُ بِمَا يَكْرَهُ أَوْ نَمَّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ فِتْنَةٌ فَيَتُوبُ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ وَلِلْمُغْتَابِ بِأَنْ
1 / 113