أهل المغازي أخف وطأة وأقل تبعية من توهيم روايات أهل الحديث بما فيها رواية الصحيح، لأنَّ روايات أهل المغازي على تخصصها فإنَّها جميعًا قد وردت من طرقٍ لا تخلو من مقال، وليس فيها رواية واحدة يمكن أن ترتقي إلى رواية الصحيح أو غيرها من الروايات الحديثية.
وربما وقع الوهم عند أهل المغازي بسبب ما ورد عندهم من خروج زيد ابن حارثة ﵁ في السريتين، وبما أنه كان قائدًا للسرية الأولى، ثُمَّ نذره بعد ذلك بسبب ما وقع له ولأصحابه من بني فزارة بغزوهم مرّةً ثانية، فجعلوه قائدًا للسرية الثانية، ربما يكون قد خرج معهم ولم يكن قائدًا، بل أُنيطت القيادة هذه المرَّة بالصّدّيق أبي بكر ﵁، لكون زيد ﵁ قد أُصِيبَ في المرّة الأولى، فأراد النبيُّ ﷺ إراحته وإسناد القيادة لأبي بكر ﵁، وسمح لزيد بالخروج وفاءً لنذره، فشارك بفعالية بأحداث السرية، فوهم أهل المغازي، وذكروا أنه قائد للسرية، ولكن ما في الصحيح أصح، والله تعالى أعلم.