والشرف، والجاه، والمال، التي كانت تعدّ شروطًا أساسية لا يمكن إغفال شيءٍ منها فيمن يُراد توليته، أصبح بدلًا عنها في الإسلام التقوى، وحُبّ النّبيّ ﷺ، والكفاءة القيادية، والنّجابة، والحِنْكة القتالية.
ثالثًا: الأدب الجمّ العظيم الذي كان يتمتّع به أصحاب النبيّ ﷺ، وحُسن انقيادهم له، وطاعتهم وتوقيرهم لأمره حتّى بعد وفاته. قال الحلبي: "كان عمر بن الخطّاب ﵁ حتّى بعد أن ولي الخلافة إذا رأى أُسامة ﵁ قال: السلام عليك أيُّها الأمير. فيقول أُسامة: غفر الله لك يا أمير المؤمنين. تقول لي هذا؟ فيقول: لا أزال أدعوك ما عشت الأمير. مات رسول الله ﷺ وأنت عليّ أمير"١.
كلّ تلك الأمور السابقة كانت عواملَ إيجابيةً وبنّاءةً في تحقيق ذلك النجاح العظيم، وتلك النتائج الإيجابية الرائعة التي حقّقتها تلك السرية، يقول الحلبي: "وكان في خروج هذا الجيش نعمة عظيمة، فإنّه كان سببًا لعدم ارتداد كثير من طوائف العرب أرادوا ذلك"٢.
قال أبو هريرة ﵁ في سياق حديثه عن البَعْث وذلك تقرير لهذه الحقيقة: "فجعل لا يمرّ بقبيل٣ يريدون الارتداد إلاّ قالوا: لولا أنّ لهؤلاء
١ السيرة الحلبية ٣/٢٣١.
٢ المصدر السّابق.
٣ قبيل: تصغير قبيلة.