ذلك هو مبلغ تقدير النَّبِيِّ ﷺ لكفاءة زيد القيادية، وثقته الكاملة به، وهو تقديرٌ عظيمٌ، وثقةٌ بالغةٌ، واعتمادٌ هائلٌ استحقَّه زيد بمزاياه القيادية أولًا وقبل كل شيء، فما كان النَّبيُّ ﷺ يولي ثقته الكاملة إلاَّ لمن يستحقها بجدارة، وقد لمسنا شجاعة زيد في الغزوات التي شهدها مع النَّبيِّ ﷺ، وفي سراياه التي قادها، ولمسنا شجاعته في الواجبات الأُخرى التي ألقاها على عاتقه النَّبِيُّ ﷺ في استصحاب بناته وزوجته في الهجرة، في وَسَطٍ يعُجّ بالأعداء والحاقدين والموتورين من المشركين".
لقد قضى الإسلام مع ما قضى عليه من تقاليد الجاهلية، على الأنفة
من تأمير مَن لم تُقَدِّمه السن، والاستمساك بِعُرَى التَّفاضُل بالأنساب والأحساب والعشائر والقبائل".. إنَّ التَّفَاضُلَ في الإسلام يخضع للتقوى وصالح الأعمال، بالإضافة إلى الكفايات المناسبة للعمل المناسب، وقد رفعت مزايا زيد القيادية، وإيمانه الراسخ العميق إلى الإمارة١".
كما أنَّ مكانة جعفر - رضي الله تعالى عنه - وفضله لا تحتاج إلى كل ذلك التهويل، ومحاولة لَيّ النُّصوص، واختراع فضائل له لكونه من آل بيت النَّبيّ ﷺ، فالعواطف الزائدة، والمحبَّة لآل البيت لا تجعلنا نعطيهم قدرًا أكبر مِمَّا جعله الله ﵎، ورسوله ﷺ لهم، ويكفي جعفرًا رضي الله تعالى عنه فخرًا ومكانةً أنه ابن عمّ المصطفى ﷺ، وقد قال له النَّبيّ ﷺ: