(هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ) منكم (إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) لما خلق أباكم آدم، وأخرجكم من ظهره ذرية. (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) فعلمه بكم الآن، وبما يصدر منكم أجلى وأظهر. فإن قلت: إذا كان أعلم بهم وقت الإنشاء من الأرض فلا يخفى أنه أعلم بهم حال كونهم أجنة. فما الفائدة في ذكره؟ قلت: أراد أن علمه لا يتفاوت بجلاء المعلوم وخفائه كما هو شأن العلم الحادث. (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) فإن محل التقوى هو القلب، والوقوف على أحواله وأسراره ينقطع دونه التقوى. والمنهي تزكية النفس تمدُّحًا لا شكرًا وترغيبًا للغير، ويجوز أن يراد مدح المؤمن أخاه لما روى أبو بكرة أن رجلا مدَحَ رجُلًا عند رسول اللَّه ﷺ فقال: " قطعْتَ عُنقَ صَاحِبِكَ فإذا كَان أحدُكم مَادحًا أَخَاهُ فَلْيَقلْ أَحْسبهُ كَذا وَلَا أُزَكي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا ".
1 / 28