314

Ghayar Amani

غاية الأماني في الرد على النبهاني

Editsa

أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي

Mai Buga Littafi

مكتبة الرشد،الرياض

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٢هـ- ٢٠٠١م

Inda aka buga

المملكة العربية السعودية

أصح من الأحاديث التي انفرد بها البخاري، ومن الرجال الذين انفرد بهم، فهذا غلط لا يشك فيه عالم. كما لا يشك أحد أن البخاري أعلم من مسلم بالحديث والعلل والتاريخ، وأنه أفقه منه، إذ البخاري وأبو داود أفقه أهل الصحيح والسنن المشهورة، وإن كان قد يتفق لبعض ما انفرد به مسلم أن يرجح على بعض ما انفرد به البخاري فهذا قليل، والغالب بخلاف ذلك، فإن الذي اتفق عليه أهل العلم أنه ليس بعد القرآن كتاب أصح من كتاب البخاري ومسلم، وإنما كانا كذلك لأنه جرد فيهما الحديث الصحيح المسند، ولم يكن القصد بتصنيفهما ذكر آثار الصحابة والتابعين ولا سائر الحديث من الحسن والمرسل وشبه ذلك، ولا ريب أن ما جرد فيه الحديث الصحيح المسند عن رسول الله ﷺ فهو أصح الكتب، لأنه أصح منقولًا عن المعصوم من الكتب المصنفة.
وأما "الموطأ" ونحوه فإنه صُنّف على طريقة العلماء المصنفين إذ ذاك، فإن الناس على عهد رسول الله ﷺ كانوا يكتبون القرآن، وكان النبي ﷺ قد نهاهم أن يكتبوا عنه غير القرآن، وقال: "من كتب عني شيئًا غير القرآن فليمحه"١. ثم نُسِخَ ذلك عن جمهور العلماء حيث أذن في الكتابة لعبد الله بن عمر، وقال: "اكتبوا لأبي شاه" ٢. وكتب لعمرو بن حزم كتابًا.
قالوا: وكان النهي أولًا خوفًا من اشتباه القرآن بغيره، ثم أذن لمّا أَمِنَ ذلك٣، فكان الناس يكتبون من حديث رسول الله ﷺ ما يكتبون، وكتبوا أيضًا غيره، ولم يكونوا يصنفون ذلك في كتب مصنفة إلى زمن تابعي التابعين، فصنف العلم.
فأول من صنف ابن جريج شيئًا في التفسير، وشيئًا في الأموات، وصنف سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، ومعمر، وأمثال هؤلاء يصنفون ما في الباب عن النبي ﷺ والصحابة والتابعين، وهذه هي كانت كتب الفقه والعلم

١ أخرجه مسلم (٣٠٠٤) .
٢ أخرجه البخاري (١١٢) ومسلم (١٣٥٥) .
٣ انظر في ذلك "تقييد العلم" للخطيب البغدادي- ﵀.

1 / 319