يرويها بعض الناس في ذلك؛ بمثل ما يروون أنه قال: "من زارني في مماتي فكأنما زارني في حياتي" ١. ومن قوله "من زارني وزار أبي في عام ضمنتُ له على الله الجنة"٢. ونحو ذلك، فإن هذا لم يروه أحد من أئمة المسلمين، ولم يعتمدوا
١ حديث ضعيف.
أخرجه الدارقطني في "سننه" (١/٢٧٨/١٩٣) والبيهقي في "شعب الإيمان" (٣/٤٨٨/٤١٥١) والدينوري في "المجالسة" (١/٤٤١/١٣٠) والعقيلي في "الضعفاء" (٤/ ٣٦٢) .
من طريق: هارون أبي قزعة، عن رجل من آل حاطب، عن حاطب قال: قال رسول الله ﷺ: ... فذكره. وهذا إسناد ضعيف جدًا.
هارون أبو قزعة؛ ضعفه يعقوب بن شيبة. وذكره العقيلي والساجي وابن الجارود في "الضعفاء". وقال البخاري: "لا يتابع عليه". انظر: "لسان الميزان" (٦/٢٣٨) .
أضف إلى ذلك جهالة الرجل الذي من آل حاط.
ومع هذا فقد قام أحد المشوّهين لعلم الحديث -وهو المدعو محمود سعيد ممدوح- في كتابه المتهافت "رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة" بمحاولة بائسة لتحسين الحديث أو الاعتبار به. فقال (ص ٢٧٤) - بعد أن نقل كلام العلماء في تضعيف هارون بن أبي قزعة:
"لكن ذكره ابن حبان في "الثقات" (٧/٥٨٠) "!
قلت: وهذا تلبيس منه وتدليس. أما التلبيس؛ فقوله: ذكره ابن حبان في "الثقات".
وهذا حق! لكنه لم يذكر كلام ابن حبان وهو قوله: "يروي عن رجل من ولد حاطب المراسيل".
وأما التدليس؛ فهو اعتباره بتوثيق ابن حبان مع ما مرّ وتقدّم من جرح أساطين المحدثين والحفاظ لهذا الراوي؛ فهل هذا من منهج من ينتسب للعلم فضلًا عمن ينتسب للحديث؟! وأغرب من ذلك قوله: "فالرجل ممن يعتبر بحديث ويستشهد به"!! فلا حول ولا وقوة إلا بالله. ثم قال- هداه الله وأخذ بيده للحق-: "وقد قال الحافظ الذهبي: "أجودها-[كذا] (أي: أحاديث الزيارة) - إسنادًا حديث حاطب.."!
قلت: وهذا كذب وتدليس أيضًا. فإن الذهبي إنما قال: "أجودهما حديث حاطب هذا".
يعني أجود الحديثين-[حديث ابن عمر في الزيارة وحديث حاطب]- هو حديث حاطب. وكذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى- ولا يعني هذا- كما هو معلوم- تصحيح الحديث. فماذا بعد الحق إلا الضلال.
وانظر: "الصارم المنكي" (ص ١١٠- ١١١) و"الضعيفة" (١٠٢١) .
٢ حديث موضوع. قال الإمام النووي في "المجموع" (٨/ ٤٨١): "وهذا باطل ليس هو مرويًا عن النبي ﷺ، ولا يعرف في كتاب صحيح ولا ضعيف، بل وضعه بعض الفجرة".