كتاب
الغوامض والمبهمات
في الحديث النبوي
تصنيف
الإمام عبد الغني بن سعيد بن علي الأزدي
المتوفى سنة ٤٠٩ هـ
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
د / حمزة أبو الفتح بن حسين قاسم محمد النعيمي
الأستاذ المساعد بقسم الكتاب والسنة بالجامعة الإسلامية العالمية بكوالالمبور - ماليزيا
دار المنارة
الطبعة الأولى
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Shafi da ba'a sani ba
باب
١- أخبرنا القاضي الفقيه أبو محمد عبد الله بن القاضي أبي الفضل عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل العثماني الديباجي قراءة مني عليه، بعد أن نقلت من أصل سماعه، قال: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المشرف بن المسلم بن حميد الأنماطي، قراءة مني عليه، في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة سبع وخمس ماية، قال: أخبرنا الشيخ الحافظ أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري، إجازة في سنة أربع ⦗٤٨⦘ وخمسين وأربع ماية، قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد الأزدي الحافظ، قراءة عليه وأنا أسمع، قال: حدثنا أبو أحمد بن المفسر، أن علي بن غالب حدثهم، قال: حدثنا علي المديني، قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، قال: حدثنا موسى بن عبيدة الربذي، قال: حدثنا عمر بن الحكم، أنه سمع ⦗٤٩⦘ أبا أسيد، قال: تزوج رسول الله ﷺ امرأة من بلجون. قال: فبعثني لآتيه بها. قال: فجئت بها فأنزلتها في الشوط، ثم أتيت رسول الله ﷺ، فقلت: قد جئتك بأهلك. فانطلق يمشي، فأهوى ليقبلها. قال: وكان إذا اختلا النساء أصغى وأهوى وقبل. فقالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: لقد استعذت معاذًا. ثم قال: ردها. فرددتها إلى أهلها.
1 / 47
٢- حدثنا حميد بن الحسن الوراق، أن محمد بن خريم حدثهم، قال: حدثنا دحيم، قال: حدثنا ⦗٥٠⦘ الوليد، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: سألت الزهري، أي أزواج النبي ﷺ استعاذت منه؟
فقال: أخبرني عروة، عن عائشة، أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله ﷺ، فدنا منها، قالت: أعوذ بالله منك. فقال رسول الله ﷺ: ⦗٥١⦘ لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك.
قال الزهري: الحقي بأهلك تطليقة.
1 / 49
قال الشيخ أبو محمد عبد الغني بن سعيد: اسم هذه المرأة الجونية: أميمة بنت النعمان. والحجة في ذلك:
٣- ما حدثنا أبو أحمد المصري، أن علي بن غالب حدثهم، قال: حدثنا علي بن المديني، قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي ⦗٥٢⦘ أسيد، عن أبي أسيد، قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ حتى انطلقنا إلى حائط يقال له: الشوط، حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما. فقال لنا رسول الله ﷺ: اجلسوا هاهنا. قال: وأتي بالجونية أميمة بنت النعمان بن شراحيل، ومعها داية لها حاضنة، وقد أنزلت بيتًا من النخل. فقال لها رسول الله ﷺ: هبي نفسك. فقالت: هل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ فأومأ بيده، يضع يده عليها لتسكن. فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: لقد تعوذت معاذًا، ثم خرج علينا. فقال: يا أبا أسيد: أكسها رازقيتين، وألحقها بأهلها.
يعني بالرازقيتين: أنه كساها ثوبين، متعها بذلك.
1 / 51
قال الشيخ أبو محمد عبد الغني بن سعيد: ويقال إن هذه المرأة هي: فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابي. والحجة في ذلك:
٤- ما حدثناه علي بن العباس بن الون، قال: حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي، قال:
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، أن زكريا بن عيسى حدثهم، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: تزوج رسول الله ﷺ الكلابية، فلما أدخلت عليه دنا رسول الله ﷺ، فقالت: إني أعوذ بالله منك. فقال رسول الله ﷺ: لقد عذت بمعاذ، الحقي بأهلك.
⦗٥٤⦘ قال الزهري: وهي فاطمة بنت الضحاك بن سفيان.
1 / 53
باب
٥- حدثنا سلم بن الفضل، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن ⦗٥٦⦘ عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن رجلًا قام من الليل، فقرأ فرفع صوته بالقرآن. فقال رسول الله ﷺ: يرحم الله فلانًا، كأين من آية أذكرنيها الليلة كنت أسقطتها. ⦗٥٧⦘ قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد: الرجل هو: عبد الله بن يزيد الخطمي. والحجة في ذلك:
1 / 55
٦- ما حدثناه أبو الطاهر السدوسي، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا أبو موسى الأنصاري، قال: حدثنا أبو زرعة الرازي. ⦗٥٨⦘ قال لنا موسى: ثم لقيت أبا زرعة فحدثني، قال: حدثني إبراهيم بن موسى الفراء، قال: حدثنا عبد الله بن سلمة الأفطس، عن أبي جعفر الخطمي، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة، أن رسول الله ﷺ سمع قارئًا يقرأ، فقال: صوت من هذا؟ فقالوا: عبد الله بن يزيد. قال: ﵀، لقد ذكرني آية كنت أنسيتها.
1 / 57
٧- حدثنا محمد بن علي النقاش من أصله، أن أحمد بن كعب حدثهم، قال: حدثنا أبو حاتم الرازي، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، قال: حدثنا عبد الله بن سلمة وهو الأفطس، عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي بكر بن حزم، عن عمرة عن عائشة، قالت: سمع النبي ﷺ قراءة عبد الله بن يزيد الأنصاري، فقال: لقد ذكرني آية كنت نسيتها.
كتبه علي بن عمر عن النقاش.
⦗٦٠⦘
[قال الشيخ أبو محمد]: وفي حديث النقاش عن أحمد بن كعب، عن أبي حاتم خلافًا لحديث أبي زرعة؛ لأن في حديث أبي زرعة عبد الله بن أبي بكر مكان أبيه أبي بكر بن عمرو بن حزم.
1 / 59
باب
٨- حدثنا أبو الطاهر السدوسي، قال: حدثنا أحمد بن عمرو القطراني، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر، أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبرٍ لم يكن له ⦗٦٢⦘ مال غيره، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمان مائة درهم، فدفعها إليه.
قال جابر بن عبد الله: عبدًا قبطيًا مات عام أول.
1 / 61
٩- حدثنا النقاش، قال: حدثنا زيد بن عبد العزيز، قال: حدثنا محمد بن يحيى الفياض، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: أعتق ⦗٦٤⦘ رجل من بني عذرة غلامًا له عن دبرٍ، فبعث النبي ﷺ فباعه ودفع إليه ثمنه، وقال له: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، ثم على والديك ثم على قرابتك، ثم هكذا، ثم هكذا، ثم هكذا.
1 / 63
١٠-[حدثنا أبو يوسف يعقوب بن المبارك، أن محمد بن جعفر بن أعين] حدثهم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا شريك، عن سلمة بن ⦗٦٥⦘ كهيل، عن عطاء، وأبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن النبي ﷺ باع مدبرًا.
1 / 64
١١- حدثنا أحمد بن بهزاذ إملاءً، أن محمد بن علي بن زيد حدثهم، قال: حدثنا محرز بن سلمة، قال: حدثنا المنكدر بن محمد، ⦗٦٧⦘ عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: أعتق رجل -يعني: عبدًا- لم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله ﷺ فرده في الرق، وباعه من نعيم بن عبد الله النحام، وأعطى ثمنه لسيده.
1 / 66
قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد: مولى الغلام المنعم عليه بالعتق هو: أبو مذكور. الحجة في ذلك:
١٢- ما حدثنا به محمد بن علي النقاش أن محمد بن علي غلام طالوت حدثهم، قال: حدثنا موسى بن هارون أبو عيسى الطوسي، قال: حدثنا حسين بن محمد المروذي، عن جرير، قال: حدثني عبد الله بن ⦗٦٨⦘ أبي نجيح، عن مجاهد، عن [جابر بن عبد الله]، أن رجلًا يكنى أبا مذكور، أعتق عبدًا له عن دبرٍ وليس له مال غيره، فبعث النبي ﷺ فباعه من نعيم بن عبد الله النحام بثمان مائة درهم، ودعاه فرد عليه الثمن. فقال: إنما يعتق من له فضل، وإلا فإنما يعود على نفسه.
1 / 67
[قال أبو محمد عبد الغني]: والغلام هو يعقوب. والحجة في ذلك:
١٣- ما حدثنا به الحسن بن الخضر، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم ⦗٦٩⦘ الدورقي، قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رجلًا من الأنصار يقال له: أبو مذكور، أعتق غلامًا له عن دبر يقال له: يعقوب. لم يكن له مال غيره. فدعا به رسول الله ﷺ، فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام بثمان مائة درهم، ثم دفعها إليه. فقال: «إذا كان أحدكم فقيرًا فليبدأ بنفسه، فإن كان فضل فعلى عياله، فإن كان فضل على ذوي قرابته، أو على ذي رحمه، فإن كان فضل فها هنا، وها هنا» .
1 / 68
باب
١٤- حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن الخصيب قاضي مصر، أن أبا محمد بهلول بن إسحاق بن بهلول حدثهم، قال: حدثنا سعيد بن منصور، عن سفيان وهو ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: حدثني الحسن بن محمد [بن] (١) علي، أن عبيد الله بن أبي ⦗٧١⦘ رافع، أخبره عن علي بن أبي طالب ﵁، قال: بعثني رسول الله ﷺ والزبير والمقداد، فقال: إيتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب.
فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا لها: أخرجي الكتاب. قالت: ما عندي كتاب: قلنا: لتخرجن الكتاب ⦗٧٢⦘ أو لنطرحن الثياب. فأخرجته من عقاصها. فأتينا به رسول الله ﷺ. فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى مشركي أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله ﷺ، فأرسل رسول الله ﷺ إلى حاطب، فقال: ما هذا؟ قال: لا تعجل علي يا رسول الله، فإني كنت امرأً ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وليس أحد من المهاجرين إلا ولهم قرابات يحمون بها أهاليهم وأموالهم، ووالله ما فعلته كفرًا، ولا ارتدادًا ولا رضًا بالكفر بعد إسلامي.
فقال رسول الله ﷺ: أما إنه قد صدق. فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله ﷺ: وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم.
⦗٧٣⦘ رواه حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي. وأبو الزبير، عن جابر. وإسحاق بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلعتة، عن ⦗٧٤⦘ أبيه.
_________
(١) ساقطة من المطبوع.
1 / 70
١٥- حدثناه النقاش، عن أبي يعلى، عن هاشم بن الحارث، عن عبيد الله بن عمرو، عن إسحاق.
ح وحدثنا محمد بن علي النقاش، أن أبا يعلى حدثهم، قال: حدثنا كامل بن طلحة، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، ⦗٧٥⦘ أنه أخبره أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يذكر أن رسول الله ﷺ أراد غزوهم. قال رسول الله ﷺ: علي المرأة التي معها الكتاب، فأرسل إليها، فأخذ كتابها من رأسها. فقال: يا حاطب! أفعلت؟ فقال: نعم. فقال: أما إني لم أفعله غشًا لرسول الله ﷺ ولا نفاقًا، قد علمت أن الله مظهر رسوله، ومتمم له أمره، غير أني كنت بين ظهرانيهم وكانت والدتي معهم، فأردت أت أتخذها عندهم. فقال له عمر: ألا أضرب عنق هذا؟ قال: تقتل رجلًا من أهل بدر؟ لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم.
1 / 74
قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد، هذه المرأة الحاملة لكتاب حاطب بن أبي بلعتة، هي: أم سارة مولاة لقريش. والحجة في ذلك:
١٦- ما حدثنا به يعقوب بن المبارك، أن محمد بن جعفر بن أعين حدثهم، قال: حدثنا الحسن بن بشر بن سلم الكوفي سنة عشرين، قال: أخبرنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنس [بن ⦗٧٦⦘ مالك]، قال: أمن رسول الله ﷺ الناس يوم فتح مكة، إلا أربعة من الناس: عبد العزى بن خطل، ومقيس بن صبابة الكناني، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأم سارة.
فأما عبد العزى فإنه قتل وهو آخذ بأستار الكعبة.
قال: ونذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد الله بن سعد إذا رآه، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة، فأتى به سول الله ﷺ يستشفع له. فلما بصر به الأنصاري اشتمل على السيف وخرج في طلبه، فوجده في حلقة رسول الله ﷺ فهاب قتله، فجعل يتردد ويكره أن يقدم عليه لأنه في حلقة رسول الله ﷺ، فبسط رسول الله يده فبايعه. ثم قال للأنصاري: قد انتظرتك أن توفي بنذرك. قال: يا رسول الله! هبتك أفلا أومضت إلي؟ قال: إنه ليس لنبي أن يومض.
وأما مقيس بن صبابة: فإنه كان له أخ مع رسول الله ﷺ فقتل خطأ، فبعث معه رسول الله ﷺ رجلًا من بني فهر ليأخذ له عقله من الفهري. فلما جمع له ⦗٧٧⦘ العقل ورجع يؤم الفهري، فوثب مقيس وأخذ حجرًا فجلد به رأسه فقتله، ثم أقبل وهو يقول:
شفى النفس من قد بات بالقاع مسندًا ... تضرج ثوبيه دماء الأخادع
وكانت هموم النفس من قبل قتله ... تلم فتنيئني وطاء المضاجع
حللت به نذري وأدركت ثؤرتي ... وكنت إلى الأوثان أول راجع
وأما أم سارة: فإنها كانت مولاة لقريش، فأتت رسول الله ﷺ فشكت إليه الحاجة فأعطاها شيئًا. ⦗٧٨⦘ ثم أتاها رجل فدفع إليها كتابًا إلى أهل مكة يتقرب بذلك إليهم ليحفظ به في عياله، وكان له بها عيال، فأخبر جبريل رسول الله ﷺ بذلك. فبعث في إثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ﵄. فلحقاها ففتشاها، فلم يقدرا على شيء معها، قأقبلا راجعين. فقال أحدهما لصاحبه: والله ما كذبنا ولا كذبنا، ارجع بنا إليها، فرجعا إليها فسلا سيفيهما، وقالا: والله لنذيقنك الموت، أو لتدفعن إلينا الكتاب. فأنكرت، ثم قالت: أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول الله ﷺ. فقبلا ذلك منها. فحلت عقاص رأسها، فأخرجت الكتاب من قرن من قرونها، فدفعته إليهما. فرجعا به إلى رسول الله ﷺ فدفعاه إليه. [فبعث إلى الرجل]، فقال: ما هذا الكتاب؟
قال: أخبرك يا رسول الله. إنه ليس من أحد معك إلا وله بمكة من يحفظه في عياله غيري. فكتبت هذا الكتاب ليكونوا لي في عيالي.
فأنزل الله ﷿: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة [وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة] وأنا أعلم بما أخفيتم ⦗٧٩⦘ وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل﴾ .
1 / 75
باب
١٧- حدثنا محمد بن علي النقاش، أن أبا يعلى الموصلي حدثهم، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن ابن شهاب، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، أن جابر بن عبد الله أخبره أنه غزا مع رسول الله ﷺ غزوة قبل أحد، فأدركتهم القائلة يومًا في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله ﷺ، وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله ﷺ تحت شجرة، فعلق بها سيفه، فقال ⦗٨١⦘ رسول الله ﷺ لرجل عنده: إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتًا، فقال لي: من يمنعك مني؟ فقلت: الله. فشام السيف. فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله. فشام السيف وجلس، وها هو ذا جالس، ثم لم يعاقبه.
1 / 80
١٨- حدثنا أبو الطاهر، أن أحمد بن أبي عوف البزوري حدثهم، قال: حدثنا مخلد بن خالد، قال: حدثنا إبراهيم بن خالد، قال: حدثنا رباح بن زيد، عن ⦗٨٣⦘ معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله، قال: غزوت مع رسول الله ﷺ، فلما قفل رسول الله ﷺ قفلت معه، فأدركتنا القائلة يومًا في واد كثير العضاه، ورسول الله ﷺ تحت سمرة قد علق سيفه، فإذا رسول الله ﷺ يدعونا، فأجبناه، فإذا عنده أعرابي جالس. فقال: إن هذا قد اخترط سيفي وأنا نائم، وهو في يده، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله. فشام السيف.
1 / 82
قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد: هذا الرجل الذي اخترط السيف، ولقي النبي ﷺ بما لقيه به، هو: غورث بن الحارث، سماه سليمان اليشكري، عن جابر بن عبد الله.
الحجة في ذلك:
١٩- حدثنا أبو الطاهر السدوسي، قال: حدثنا خلف بن عمرو العكبري، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا أبو عوانة، عن ⦗٨٥⦘ أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر بن عبد الله، قال: قاتل رسول الله ﷺ محارب خصفة، فرأوا [من المسلمين] غرة، فجاء رجل منهم يقال له: غورث بن الحارث، حتى قام على رسول الله ﷺ بالسيف، فقال: ما يمنعك مني؟ قال: الله. فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله ﷺ، فقال: ما يمنعك مني؟ قال: كن خير آخذ. قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: ولكن أعاهدك أني لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى سبيله. فرجع، فقال: جئتكم من عند خير الناس.
فلم حضرت الصلاة صلى رسول الله ﷺ صلاة الخوف، فكان الناس طائفتين، طائفة بإزاء عدوهم، وطائفة صلوا مع رسول الله ﷺ. فصلى بالطائفة الذين معه ركعتين، ثم انصرفوا، فكانوا بمكان أولئك الذين بإزاء العدو، وانصرف أولئك الذين كانوا بإزاء عدوهم، فصلوا مع رسول الله ﷺ ركعتين، ⦗٨٦⦘ فكان لرسول الله ﷺ أربع ركعات وللقوم ركعتين ركعتين.
1 / 84