أنا الملك
أدار الملك رأسه وهو على جواده يخب به في الغابة حين رأى فتاة جميلة تجلس على مقربة من شجرة البلوط، كان وجهها يكشف عن جمال فاتن، وشعرها الذهبي يتدلى على وجه طفل تحمله بين ذراعيها، وكان على خديها آثار الاحمرار الخفيف كأنها مقبلة من رحلة بعيدة.
وبقي الملك في مكانه لا يتحرك عند ما رأى الفتاة التي خيل إليه أنها جنية ظهرت له من أعماق الغابة، وبينما كان منشغلا بمراقبتها رفعت نظرها فرأته. وقامت من مكانها في شيء من الخجل، واقتربت من الغريب وهي تقول له: يا سيدي العزيز! إنني أبحث عن الملك، ولكنني لست على ثقة من الطريق، فهل يمكنك أن تدلني على الطريق إلى جلالته؟
ودهش الملك لهذه المفاجأة، ولكنه أخبرها أن «جلالته» يعيش في قلعة فوزرنجاي على بعد أميال عديدة، ثم سألها بعد ذلك دون اهتمام حتى لا يشعرها أنه الملك: وماذا تريدين من جلالته؟
وترددت الفتاة قبل أن تقص على الغريب ما تريد من جلالة الملك؛ إذ كان الجو الذي تعيش فيه مملوءا بأعدائها، ولكنه كان يبدو شابا ظريفا رقيقا سنه قريبة من سنها، كما أن نظرته كانت لا تخفي الإعجاب، فقالت له: لقد قتل الملك زوجي في حروبه الأخيرة، ثم انتزع من أطفالي أرضهم ومالهم، وأصبحنا اليوم ونحن لا نملك شيئا! إنني أريد أن أستعطف جلالته لكي يرد للأطفال حقوقهم: أرضهم وألقاب والدهم.
وأجابها الغريب في هدوء دون غضب: أنا الملك.
وكانت صيحة صغيرة، هي صيحة العجب والخوف، وقعت على أثرها الأم الصغيرة جاثية على ركبتيها في ضراعة صامتة، ولم تجسر على أن ترفع عينيها لتنظر إلى وجه الملك؛ خوفا من أن تقرأ فيه الغضب والحنق، ولم يسعها وهي في ذلك الموقف إلا أن تضم ابنها إلى صدرها بشدة في انتظار مصيرها.
وقال لها الملك في لهجة الجد: وما اسمك؟
وهنا غاض قلبها؛ إذ كانت تحمل اسما لا يكره الملك من أسماء أعدائه اسما مثله، اسما أقسم على أن يمحوه من وجه إنجلترا.
وبعد تردد طويل أجابت بصوت ضعيف لا يكاد يسمع: اليصابات جراي! وأبي هو السير ريتشارد ودفيل.
Shafi da ba'a sani ba