ولم يسرع الملك بعد وفاة جين سيمور بالزواج كما جرت عادته بذلك، بل ظل شهورا يعيش وحده حتى ظن الناس أنه قد زهد الزواج واكتفى بثلاث زوجات، ولكنهم كانوا على خطأ؛ إذ إنه ما لبث أن تزوج بآن كليفز بعد أن رأى صورة لها من ريشة هولبين المصور المشهور.
ولم ترق له الحياة إلى جانب آن كليفز من بادئ الأمر، على العكس من سابقاتها اللاتي كان يشعر إلى جانبهن بسعادة عظيمة في بدء الزواج.
وقد ذكر العارفون أسبابا كثيرة لهذه الكراهية التي شعر بها الملك نحو آن، ولكن الحياء يمنع من سردها، وأمر هنري الثامن بإلغاء زواجه من آن كليفز، ولكنه عفا عنها فلم يقدمها للمحاكمة؛ إذ لم يكن الذنب ذنبها، بل كان ذنب كرومويل مستشاره، فأمر بقتله!
أما آن كليفز فلم تأسف على هذا الطلاق الذي أعاد إليها حريتها، فاستأنفت حياة البذخ والإسراف والعبث دون أن تهتم لشيء.
كاترين هوارد
وكانت الزوجة الخامسة هي كاترين هوارد، حفيدة دوق نورفوك الثاني، ولما تزوجها الملك في عام 1540 كانت لا تزال في العشرين من عمرها، ومن الطبيعي أنها كانت متصلة قبل زفافها إلى الملك ببعض الشبان، إلا أن هنري الثامن لم يرق له ذلك، فما وصل إلى علمه أنها كانت على اتصال قديم بكولبيبر حتى أمر بقتلها في عام 1542؛ أي بعد عامين من زواجها.
ودافعت المسكينة عن نفسها فقالت: إنها أخلصت للملك منذ زفت إليه، وليس من حقه أن يسألها عن شيء مضى، إلا أن الملك لم يأخذ بدفاعها هذا؛ فأمر بقتل جميع الذين جاء ذكرهم فيما روى عنها وعن غرامياتها.
وأعدمت كاترين هوارد، واعترفت ساعة قتلها بحبها لكولبيبر فقالت: «إنني أموت ملكة! ولكنني كنت أفضل على ذلك أن أموت وأنا زوجة حبيبي كولبيبر! ألا فليغفر الله لي! أيها الناس، صلوا من أجلي!»
كاترين بار
وكان هنري الثامن قد تقدم في السن لما اختار كاترين بار زوجة سادسة له، وقد تخيرها صغيرة السن أيضا. وكانت ماهرة على كثير من الدهاء؛ ولذلك فقد كان تعامله معاملة الأم لطفلها الصغير حتى اطمأن إليها، وقد أفلحت بسياستها هذه في أن تعيش بعد موته، وقد كانت هي الوحيدة التي تمكنت من ذلك من بين زوجاته، ويقال: إنه حاول الغدر بها في يوم من الأيام، فوقع أمرا بإرسالها إلى السجن، ولكنه في الوقت الذي كان يوقع فيه هذا الأمر كانت هي قد هربت من القصر.
Shafi da ba'a sani ba