ولئن كان الملك هنري الثامن قد ألحق ظلما كبيرا بكاترين أراجون لما طلقها، فإن شكسبير الشاعر الخالد قد أنصفها في روايته الكبيرة عن الملك المزواج «هنري الثامن»، فرسمها على أحسن صورة للمرأة والزوجة الكاملة. وقد بلغ من طيبة قلب كاترين أن سامحت وهي على فراش الموت ذلك الرجل الذي خان عهدها دون أن تلحق به أي أذى، فكتبت إليه تقول له وهي تودعه:
إنني لا أزال أحبك أكثر من أي شيء آخر في الحياة!
وتم زواج هنري الثامن من آن بولين، وارتقت إلى مقام كاترين، فصارت الملكة، وقد كان الزواج سريا في بادئ الأمر - عقد في أوائل يناير من عام 1533 - ولكن ما لبثت آن بعد ذلك أن توجت. وتكون خطابات الملك إليها مجموعة من أبدع خطابات الغرام التي تبادلها ملك مع حبيبته.
وقد ولدت له في شهر سبتمبر الأميرة اليصابات التي ارتقت عرش إنجلترا فيما بعد، إلا أن هنري كان يميل دائما إلى التغيير والتجديد، فما لبث أن سئم آن بولين، كما أن خفتها لم تكن تروقه بالمرة، ولم يكن يلتمس لها العذر بسبب صغر سنها، كما أنه غضب عليها لما لحظ أنها لم تشعر بأقل تأثر عندما بلغها نبأ وفاة الملكة السابقة كاترين أراجون.
وفي إحدى الحفلات لحظ أن السير هنري نوريس يتقرب منها، ويبدي لها إعجابا بريئا؛ فانفجر غضبه، وأمر بإرسالها إلى برج لندن في اليوم التالي استعدادا لمحاكمتها بتهمة الخيانة. وقد أمر بتأليف مجلس خاص من 24 لوردا، انعقد وقرر إدانتها، وخير الملك بين إحدى عقوبتين: إحراقها حية أو قطع رأسها! واختار الملك العقوبة الثانية فنفذت فيها، وفي اليوم التالي تزوج هو من جين سيمور.
جين سيمور
وقد عاش الملك هادئا قانعا إلى جانب جين سيمور التي أفلحت في أن ترزقه بولد أسماه الأمير إدوارد، وسر بمولده سرورا عظيما. والظاهر أن الله أراد أن ينقذ جين سيمور من هنري الثامن قبل أن يغدر بها كما غدر من قبل بكاترين أراجون وآن بولين، فماتت المسكينة بعد مولد الطفل بأسبوع واحد، وكتب الملك إذ ذاك يقول:
كأن الله أبى إلا أن يمزج سعادتي بالحزن على من كانت السبب في منحي هذه السعادة!
فهل كان يشعر بالأسف على وفاة جين سيمور حقا؟ إن عواطفه المتقلبة تجعلنا نشك في صدق هذه العبارة.
آن كليفز
Shafi da ba'a sani ba