Gharaibul Kur'ani
غرائب القرآن و رغائب الفرقان
تعالى ( أو مسكينا ذا متربة ) [البلد : 16] وعند الشافعي وأحمد : الأمر بالعكس قالوا : اشتقاق الفقير من فقار الظهر ، كأن فقاره انكسرت لشدة حاجته ، والمسكين قد يملك ما يتعلل به كما في قوله تعالى ( أما السفينة فكانت لمساكين ) [الكهف : 79] ويظهر أثر الخلاف فيما لو أوصى للفقراء دون المساكين أو بالعكس. والإحسان إلى ذوي القربى واليتامى والمساكين ينبغي أن يكون مغايرا للزكاة لأن العطف يقتضي التغاير.
التكليف السادس : ( وقولوا للناس حسنا ) بالوصف أي قولا حسنا. وحسنا على المصدر أي قولا ذا حسن ، أو قولا هو الحسن في نفسه لإفراط حسنه ، أو ليحسن قولكم حسنا. والظاهر أن المخاطبين بذلك هم الذين أخذ ميثاقهم لاتحاد القصة. قيل : إنه مخصوص إما بتخصيص الناس أي قولوا للمؤمنين حسنا بدليل آية القتال ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) [الفتح : 29] وإما بتخصيص القول أي قولوا للناس حسنا في الدعاء إلى الله والأمر بالمعروف. وقال أهل الحقيقة : إنه على العموم وذلك أن كلام الناس مع الناس في الأمور الدينية إن كان بالدعوة إلى الإيمان وجب أن يكون بالرفق واللين كما قال لموسى ( فقولا له قولا لينا ) [طه : 44] وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) [آل عمران : 159] وإن كان بالدعوة إلى الطاعة كالفساق فحسن القول أيضا معتبر ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) [النحل : 125] ( ادفع بالتي هي أحسن ) [فصلت : 34] وأما في الأمور الدنيوية فمن المعلوم أنه إذا أمكن التوصل إلى الغرض باللطيف من القول لم يعدل إلى غيره ، وما دخل الرفق في شيء إلا زانه ، وما دخل الخرق في شيء إلا شانه ، فثبت أن جميع آداب الدين والدنيا داخل تحت هذا القول. وعن الباقر : قولوا للناس ما تحبون أن يقال لكم.
التكليف السابع والثامن : قوله ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) وقد تقدم تفسيرهما. ولا شك في وجوب هذه التكاليف عليهم بدليل : أخذ الميثاق ، ولأن ظاهر الأمر للوجوب ولترتب الذم عليه بتوليهم ، وهذه التكاليف أيضا واجبة في شرعنا. وعن ابن عباس : أن الزكاة نسخت كل حق. وضعف بأن إغاثة المضطر واجبة وإن لم تجب علينا الزكاة. واعلم أن التكليف إما بدني أو مالي وكل منهما إما عام أو خاص. فالبدني العام هو العبادة المطلقة ، وهي أن يكون بكل الجوارح والقوى منقادا مطيعا مؤتمرا لأمر الله تعالى ، بحيث لا يرى لنفسه شيئا من التصرف والاختيار كالعبد الماثل بين يدي مولاه وإليه الإشارة بقوله تعالى ( لا تعبدون إلا الله ). والبدني الخاص هو الصلاة وأشار إليه بقوله ( وأقيموا الصلاة ) فللصلاة أوقات مخصوصة وأركان وشروط معدودة. والمالي الخاص هو الزكاة لتخصصها
Shafi 325