وصاحت في دهشة: ثلاثة وسبعون بحثا؛ كيف؟ هذا مستحيل.
قال وهو يمصمص شفتيه: كان شيئا بسيطا جدا. كنت أضع اسمي فحسب.
وسألت في ذهول: والباحث الحقيقي؟!
قال: كان شابا صغيرا لا يزال يسعى للوصول.
وصاحت: ولكن، لماذا لم تجر أنت بنفسك بحثا واحدا عميقا؟
وقال في بساطة: لم يكن ذلك ممكنا، ثم إن الاستغراق في أي بحث حقيقي يمتص العمر ويضيع فرص الحياة الواقعية.
وسكتت لحظة ساهمة، ونظرت في عينيه الجاحظتين المتذبذبتين، وقالت لنفسها: تماما كما أحسست أول مرة، عينا لص! لقد سرق ثلاثة وسبعين بحثا.
وقالت: ثم ماذا؟ وضحك: ثم أصبحت أستاذا كبيرا.
وقالت: ثم ماذا؟ وابتسم: طموح الإنسان بغير حدود، اتجهت إلى السياسة. قالت: وماذا تعرف في السياسة؟ وقال: كل شيء. يكفي أن أصادق هذا وذاك وأردد بعض شعارات بنبرة فصيحة.
ونظرت إلى رقبته المكتنزة باللحم في تقزز، وقالت: وهل تحترم نفسك الآن؟ وقال بالصوت نفسه: كيف يحترم الإنسان نفسه يا فؤادة؟ احترام النفس لا يحدث في فراغ؛ إنه ينبع من احترام الآخرين، وأنا؟ أنا رئيس الهيئة العليا للإنشاءات والمباني، ورئيس المجلس السياسي، والصحف تكتب عني، وأتحدث في الراديو والتلفزيون، وأعطي نصائحي للناس، العالم كله يحترمني فكيف لا أحترم نفسي؟!
Shafi da ba'a sani ba