قالت: سمعا وطاعة. وسارت في أثره.
فأدركت سلمى ذهابهما ففتحت عينيها ونظرت إلى جوانب الغرفة فلم تجد أحدا، وكانت في أثناء رقادها تفكر في طريقة الاحتيال لقتل يزيد، فلما علمت بعزمه على المبيت في تلك المقصورة، وسمعت استفهامه عن دخولها الحمام أخرجت الخنجر من جيبها ودسته تحت الفراش بحيث تصل يدها إليه متى شاءت، ثم نهضت ورأسها معصوب وقد تعاظم قلقها على عبد الرحمن.
ومشت إلى الكوة المطلة على مجلس الخليفة وأطلت منها عليه، فلم تر يزيد هناك، ثم ما لبث أن دخل ومعه رجل لم يقع نظرها عليه حتى ارتعش جسمها وارتعدت فرائصها؛ إذ كان شمر بن ذي الجوشن. فاستعاذت بالله من وشايته، ولكنها أصبحت لا تخاف شيئا في سبيل الانتقام لأبيها وخطيبها.
ورأت يزيد يرحب بشمر ويدعوه إلى الجلوس بجانبه، فلم يجرؤ أن يجلس على الوسادة المثناة ولكنه تربع على البساط بين يدي يزيد.
فقال له يزيد: لماذا لا تدنو من مجلسنا وأنت أول من نبهنا إلى الخطر الذي نجانا الله منه بالأمس؟
قال: إن صنيعة مولانا لم يفعل إلا بعض الواجب عليه، ولا فضل له فيه، وقد بايعنا أمير المؤمنين على الطاعة، وإن دماءنا وأرواحنا وأموالنا فداء له.
فضحك يزيد ومشط لحيته بيساره والدرة في يمينه وقال له: بورك فيك يا شمر، إنك أبيض الوجه أبيض الخصال، وسوف تنال ما تستحقه.
فقبل شمر الأرض وقال: أرجو أن ينال ذلك الخائن أيضا ما يستحقه.
قال: إنه سينال جزاءه بعد أن نرى ما في اعترافه؛ فلعل له شركاء إذا أطلعنا على مخبآتهم أمنا شرهم.
قال: ألم يسأله أمير المؤمنين عن نسبه؟
Shafi da ba'a sani ba