قال عامر: ولكنها قد فعلت يا مولاي، وها هي ذي مستعدة للذهاب إلى يزيد.
قال: دعها تذهب، وأظهر لها رضاك بذهابها، ثم انظر ما يبدو منها.
فدهش عامر لتلك المعميات ولم يلح في الاستفهام لئلا يغضب الناسك، ولكنه استحسن رأيه في مسايرتها ليستطلع ما يكنه ضميرها، وتظاهر برغبته في الانصراف إليها فابتدره الناسك قائلا: اذهب إليها على عجل. •••
نهض عامر ومشى وهو يتعثر بأذياله لفرط ذهوله حتى أتى الغرفة فرأى الباب لا يزال موصدا فطرقه، وصبر فلم يجبه أحد، فألح في قرعه ففتحته سلمى وتحولت إلى حصير جلست عليه وهي مطرقة، فدخل عامر وأقفل الباب وراءه ونظر في وجه سلمى فرأى الكآبة بادية فيه وكأنها كانت تبكي، فقال لها: ألا تزالين مصرة على رأيك يا بنية؟
فأشارت برأسها أن نعم.
فقال: لقد فكرت في أمرك بعد خروجي من عندك فرأيت أنك على حق؛ لأننا لا نستطيع الفرار الآن وعلينا الأرصاد والعيون من كل ناحية، ثم إن تقربنا من الخليفة نعمة كبرى ستعود علينا بالخير.
فرفعت بصرها إليه وتفرست في وجهه هنيهة ثم قالت: يظهر أنك تريد الذهاب معي.
قال: وكيف لا؟!
قالت: لا، لا تذهب معي.
قال: كيف لا أذهب معك؟! وإلى أين أذهب؟!
Shafi da ba'a sani ba