بدر أرق محاسنا
والفرق مثل الصبح ظاهر
وكان عامر يحدث الرئيس في شئون شتى لا علاقة لها بما في نفسه من أمر حجر وعزمهم على زيارة قبره تلك الليلة، وكان نظره متجها إلى الجوزة التي يعرف أنها تظلل ذلك القبر، وهو يغافل الرئيس في ذلك لئلا يلحظ تطلعه، حتى إذا وقع نظره على تلك الجوزة عرفها عن بعد من كبرها وانبساط أغصانها، فتنهد عميقا وجعل يتفرس في الطريق المؤدي إليها، ثم التفت إلى الرئيس فقال له: سبحان الخالق العظيم! ما أجمل هذه الليلة المقمرة، وما ألطف هذه المناظر البديعة.
قال الرئيس: إن هذا يدلنا يا ولدي على قدرة الباري سبحانه وتعالى. إني أقف هذا الموقف فيدفعني جماله إلى شكر العناية العظمى التي أعدت للإنسان كل ما يحتاج إليه في هذه الحياة الدنيا.
فقال عامر: سبحانه جل سلطانه، ما أجمل صنعه! وما أبدع مخلوقاته! إن في العراق كثيرا من البساتين الغضة ولكن أكثر أشجارها من النخيل. أما أصناف الفاكهة التي أراها في هذه الغوطة فإنها خاصة ببلاد الشام، وتحدثني نفسي أن أخرج في هذا الليل أستمتع بشذا الرياحين وأجول بين الأشجار، فهل ما يمنع من ذلك؟
قال: لا أرى مانعا يمنعكم، غير أني أفضل النظر إليها من فوق هذا السطح؛ فإنه أوسع أفقا، وبخاصة في ضوء القمر.
قال: الحق ما قلت، ولكنني سمعت ابنتي هذه تتشوق إلى الخروج فوعدتها بأن أرافقها فنمشي هنيهة ثم نعود.
قال: لا مانع من خروجكم، وإذا شئتم أرسلت معكم بعض الرهبان يرشدكم ويسير في خدمتكم.
قال: إني أعرف الطريق جيدا فلا حاجة بنا إلى دليل.
قال: افعلوا ما بدا لكم.
Shafi da ba'a sani ba