شعرت بالقوة إذ أوهمني عقلي الباطني أني أملك ما به أعجب، كذلك رحت أحترم نفسي إذ أرى هذه الثروة ولا أحسد صاحبها عليها.
أحسست إذ أنا أنشد أبياتك أني أقدر أن أفعل المستحيل، وأحب حتى القبيح.
صحيح القول أنني بعد قراءة الصفحة الأولى، وجدتني أنظم قصيدة أتغنى فيها بالحكومة.
غير أني أعود فأجس الكتاب وأقرأ حروفه، فلا أصدق أنه حقيقة. لعل يقظتي التي شقيت بما أقرؤه من إنتاج هذه الأيام أوهمتني أن «سأم» هو من نتاج مطابع هذه الأيام.
وحين أقنع نفسي أن «سأم» هو حقيقة لا سراب، سأقصد إليك وإلى سعيد عقل، صاحب المقدمة، فأقبل شواربكم واقفا على رجل واحدة.
مقدمة لمذكرات فوزي القاوقجي
أهذا حلم آخر تحققه الحياة: أن أكتب السيرة باللغة العربية؟
إن آداب لغتنا خلو من هذا الأدب، فكل ما وقعت عليه يداي هو إما هجاء معيب، أو مديح مأجور، أو محاولة صبيانية.
يقول «الدوس هكسلي»: «إن العقل يملي الحوادث إن هو صمم وعزم وأراد.» إذن فما هي بصدفة أن التقيت بفوزي القاوقجي، وإنى مدون سيرته، هذا «الزهر» - زهر النرد - يقول هكسلي: «إن التجارب العلمية أثبتت أنه يخضع لإرادة العقل في أكثر الأحيان حين يسيطر العقل ويطغى.»
هكذا أنا في عام 1954 أكتب سيرة القاوقجي؛ لأن هذا ما شئت وعزمت وأردت سنة 1936، حينما كنت في الفلبين، فعامئذ فرغت من كتابي «نخب العدو» مسرحيته وأقاصيصه، وكنت - شأني إذ أنفض يدي من أي تأليف - سكران بالإعجاب بإنتاجي، أحدث نفسي أنني كتبت أروع القصص وأعظم مسرحية باللغة العربية، ماذا ينقصني لاكتمال المجد الأدبي؟ أن أكتب السيرة؟ لقد دونت هذا الشوق على هامش مقدمة «نخب العدو» إذ وعدت القراء بكتاب عنوانه «فوزي».
Shafi da ba'a sani ba