مرضاته والتأهُّب لدار القرار، واجتنابِ ما يسخطه والحذر من عذاب النار، وأخذوا أنفسهم بالجد في طاعاته وملازمةِ ذِكْره بالعشيِّ والإبكار، وعند تغاير الأحوال وجميع آناء الليل
ــ
ومقام. وليس لصاحب هذا المقال مرام إلا الوصول إليه والقرب منه تعالى والزهد في الدنيا باحتقار جميع شأنها لتصفير الله إياها وتحقيره لها. قوله: (مرضاته) مصدر ميمي أي رضاه، ورضا الله عن العبد قال الراغب هو أن يراه مؤتمرًا بأمره منتهيًا عن نهيه. قوله: (ما يسخطه إلخ) السخط من الله تعالى إنزال العقوبة كما في مفردات الراغب وفي أمالي ابن عبد السلام غضب الله فيه ثلاث مذاهب قال الشيخ أبو الحسن الأشعري هو صفة ذات وعبّر به عن الإرادة وقال القاضي هو صفة فعل وعبر به عن معاداة الغاضب لمن غضب عليه وقال غيرهما هو صفة ذات وعبر به عن سب الله لأعدائه في كتابه فيكون عائدًا إلى صفة الكلام ويجوز فيه كنظائره فتح أوليه وضم أوله وسكون ثانيه. قوله: (والحذر) معطوف إما على مرضاته وهو أولى لسبقه أو على اجتناب لقربه والاجتهاد في الحذر من عذابه بمجانبة الأفعال المؤدية إليه. قوله: (بالجد) بكسر الجيم أي الاجتهاد. قوله: (طاعاته) جمع طاعة وهي امتثال الأوامر واجتناب النواهي وسيأتي الفرق بينها وبين القربة والعبادة. قوله: (بالعشي) هو من زوال الشمس إلى الصباح والبكرة أول النهار كذا في مفردات الراغب وفي النهاية لابن الأثير العشي من الزوال إلى المغرب وقيل إلى الصباح اهـ، ثم في هذه الفقرة إن أجريت على ظاهرها اقتباس من حديث "يقول الله تعالى اذكرني من أول النهار ساعة ومن آخره ساعة أكفك ما بينهما" ويجوز أن يكون كناية عن الاستيعاب وشمول سائر الأزمنة. قوله: (تغاير الأحوال) أي اختلافها. قوله: (وجميع آناء الليل) أي وجميع ساعاته ومفرده إني كمعي كما في النهر لأبي حيان وأناء بفتح الهمزة والمد كما في البيضاوي وإني وإنو ففي واحدة أربعة
1 / 10