من جهة الحفاظ المتقنين، والأئمة الحذَّاق المعتمدين، وأضم إليه إن شاء الله جملًا من النفائس من علم الحديث،
ــ
إلى آخره والنادر القليل. قوله: (من جهة الحفاظ) أي لا طريق لمعرفة حال الحديث إلَّا من حفاظه الجهابذة المتقنين كما يدل عليه الكلام أي الكاملين في الحفظ والإتقان والحفاظ جمع حافظ وهو من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنًا وإسنادا وفوقه الحجة وهو من أحاط بمائتي ألف حديث كذلك وفوقهما الحاكم وهو من أحاط بمحظم السنة. قوله: (إن شاء الله تعالى) أتى به اقتداء به ﷺ فقد كان يأبى بذلك امتثالًا لقوله تعالى ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: ٢٣ و٢٤] نعم لا يقال في محقق نحو صمت أمس أو أموت أو نحو ذلك إلَّا على سبيل التبرك ومنه قوله ﷺ الآتي في زيارة القبور وإنا إن شاء الله بكم لاحقون على أحد وجوه فيه يأتي بيانها إن شاء الله تعالى. قوله: (الكريم) وصف الجلالة به بعد الوصف بقوله تعالى من باب الوصف بالمفرد بعد الجملة ومنه قوله تعالى ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ٩٢]، وسقط في الأصل المقروء على ابن العماد الأقفهسي وبعض الأصول، الوصف بجملة تعالى وحينئذٍ فالكريم نعت مفرد وقوله النفائس جمع نفيسة لا نفيس إذ فعائل إنما
يكون جمعًا لفعيلة وسكت عن وصف النفائس بالمستجادات اكتفاء باستلزامها لها وأتي بها في المنهاج تصريحًا باللازم تحريضًا للطالب على أن ما بيّن به النفائس هنا بقوله من علم الحديث إلى آخره وصف لها بأعظم أنواع الاستجادة كما لا يخفى. قوله: (علم الحديث) قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري إذا اطلق علم الحديث فالمراد به علم الحديث دراية وهو علم يعرف به حال الراوي والمروي من حيث القبول والرد وموضوعه الراوي والمروي من حيث ذلك، وغايته معرفة ما يقبل وما يرد من ذلك ومسائله ما يذكر في كتب من المقاصد اهـ، ويطلق علم الحديث
1 / 25