فعلم بهذا أن من أفضل -أو أفضل-
ــ
يعني الزمخشري إذا رأى ظاهرًا يوافق مذهبه أورد مذهب أهل السنة سؤالًا ومذهبه جوابًا وما أجاب به غير صحيح بل الآية دليل أهل السنة لكونها سيقت في مساق تعظيمه تعالى وأن شأنه مع عبيده لا يقاس بغيره فإن العبيد في العرف قسمان منهم من يقنيه سيده للانتفاع به ومنهم من يكون للتبجيل والتعظيم كمماليك الملوك، والعباد بالنسبة إليه تعالى من القسم الثاني فلا تتركوا عبادته وتعظيمه لأن نفعها عائد إليهم. قيل والعبادة المرادة من الآية التعظيم لله والشفقة على خلقه لاتفاق سائر الشرائع على ذلك بخلاف خصوص العبادات فالشرائع مختلفة فيها ولما كان التعظيم اللائق بجلال الله تعالى لا يعلم عقلا لزم متابعة الشرع والأخذ بقول الرسول اهـ، وقيل معنى ليعبدون ليعرفون قال ابن عباس كل عبادة في القرآن فهي بمعنى العرفان وهل الخطاب للخصوص أو للعموم خلاف عند المفسرين وأيّد بعضهم هذا التفسير بحديث "كنت كنزًا مخفيًا لم أعرف فأحببت أن أعرف" أي ما خلقت الثقلين إلَّا لأظهر عليهم صفاتي وكمالاتي فيعرفوني فيعبدوني لأن العبادة لله المعرفة ومن لم يعرفه لم يعبده وروي عن علي لم أعبد ربًا لم أعرفه اهـ، والخبر المرفوع موضوع. والمراد المعرفة التي تليق بحال الإنسان لا
معرفة حقيقته تعالى على ما هو عليه فإن ذلك في الدنيا محال اتفاقًا وفي إمكانه في الآخرة خلاف، الراجح عدمه ولا يلزم ذلك من كونه تعالى يرى في الآخرة إذ الرؤية لا تستلزم الإحاطة قال تعالى ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] أي لا تحيط به إذ الإحاطة من أوصاف الحوادث تعالى عن ذلك. قوله: (أو أفضل) الظاهر أن أو فيه بمعنى بل إذ لا شبهة أن الذكر سيما إن فسر بالمعنى الشامل لسائر العبادات أفضل أحوال الإنسان، ثم هذه الأفضلية للذكر المأثور كما قال "في الأذكار الواردة عن سيد
1 / 16